وكأن الأفغان حفاة عراة في انتظاره على الحدود!

TT

أتفهم أن يعتزل مطرب الفن ويبحث عن ذاته في غيره، لكن ما لم أتفهمه من سلوك المطرب الكويتي المعتزل حسين الأحمد جمعه بعض الملابس القديمة والأحذية ـ كما يقول ـ بغية الذهاب بها إلى أفغانستان عبر إيران، واضطراره إلى المشي على الأقدام أربعة أيام من دون أكل ولا ماء بعد وصوله إلى إيران لإيصال حمولته القليلة من تلك الملابس البالية لمساعدة الفقراء والمحتاجين في أفغانستان، وبعد أن وصل ـ أو أوصل ـ في رحلة المتاعب هذه إلى جبل طيني لم يعرف إن كان في أفغانستان أو إيران أو أية دولة أخرى، وهناك وجد أناسا يعيشون بعيدا عن المدينة يزرعون الحشيش والمخدرات، فقرر العودة مجددا إلى الكويت، ولم يقل لنا إن كان قد عاد يحمل مساعداته الإنسانية من الملابس القديمة والأحذية أم تركها هناك، وقفل راجعا مكتفيا من الغنيمة بالإياب.

حسين الأحمد في تقديري تزبب قبل أن يحصرم، فهو لم يسمح لنفسه بأن ينضج دينيا بهدوء، وتوأدة، وتبصر، وتدبر، وليدرك أن المحتاجين والفقراء في كل مكان من عالمنا الإسلامي، وأن نفقات الرحلة الطويلة التي قام بها حاملا تلك الملابس القليلة المستعملة والأحذية يمكن أن تعين فقراء في أماكن كثيرة من عالمنا الإسلامي دونما حاجة لرحلة المغامرة تلك بكل ما تثيره من حساسيات وشكوك وخلط في الغايات.. وهو يقول إنه مشي أياما على قدميه في الجبال والأنهار، وهذا يعني أن مساعداته الإنسانية من الملابس القديمة لا تتجاوز ما يمكن حمله شخصيا، وبالتالي فإن ضآلة تلك المساعدات لا تستوجب كل هذه المعاناة، وكان يمكن له أن يبقى في بلاده، موفرا تكاليف وسيلة نقله إلى إيران، ومنها إلى المنطقة الجبلية التي يزرع أهلها الحشيش والمخدرات، فتكاليف وسائل النقل التي استخدمها في تلك الرحلة ـ حتى لو كانت على ظهور الدواب ـ لا بد أنها تجاوزت قيمة تلك الملابس البالية التي حملها عشرات المرات!

وباختصار: فإن كل التصريحات التي أدلى ويدلي بها هذا الفنان المعتزل منذ عودته إلى الكويت من رحلة المغامرة المجانية التي قام بها لم تزدني إلا يقينا بأن ما يقوله يستعصي على الفهم، ولا يتوافق مع المنطق، فكيف لإنسان أن ينفق الكثير من الدنانير في رحلة يمكن أن يدفع حياته ثمنا لها لإيصال خمسة أو ستة ثياب بالية، وثلاثة أزواج من الأحذية، وكأن الإخوة الأفغان واقفون حفاة عراة في انتظار وصوله على الحدود!

[email protected]