مستعمِر، مستعبِد، إلخ: كتابات للصيف

TT

حمل احتلال غرينادا المال الى العرش الاسباني، وتذكرت ايزابيلا على الفور مشروع كولومبوس. فالملاح الايطالي لم يعدها فقط باكتشاف بلاد الهند بل وعد أيضا بنقل امبراطورية المغول المفككة الى الكتلكة ومنافسة التجار المسلمين والتوقف عن الاعتماد عليهم. ومقابل تمويل رحلته طلب ان يعطى رتبة أميرال البحرية وراح يبحث عن الذهب في أمكنة أخرى، وفي 25 كانون الأول تحطمت وغرقت سفينته الاساسية «سانتا ماريا»، فانتقل الى السفينة الثالثة والأخيرة «نينا». في 2 كانون الثاني بدأ رحلة العودة، تاركاً خلفه عدداً كبيراً من الرجال الذين لم تعد تسعهم سفينة واحدة. وبعد 4 أيام التقى السفينة التي هجرها ربانها، فانضمت اليه من جديد. وأخذ يبحر وسط العواصف والأمواج العالية حتى وصل لشبونة في 3 آذار، ثم تابع إلى ميناء بالوس في خليج قادش حيث انهى رحلته الخارقة في 15 آذار 1493. عرض كولومبوس باعتزاز شديد ما انجزه أمام ملك وملكة اسبانيا، ووصف لهما الأرض التي اكتشفها بالأكثر خصوبة وجمالاً واعتدالاً في المناخ. وطلب أن يعود بحملة من رجال متعلمين فهيئ له اسطول من 17 سفينة و1500 رجل. وتحول كولومبوس عن الذهب الذي لم يجد له أثرا إلى استعباد السكان الاصليين. وفرض الضرائب الباهظة. وكان على كل ذكر يبلغ 14 عاماً أن يدفع حصة من الذهب والقطن. وكان يطارد الهاربين بالكلاب أو يقتلهم بالسم.

وعندما بلغت أفعاله مسامع العرش استدعي الى اسبانيا للمحاكمة عام 1496 لكنه نجح في تبرئة نفسه وفي ترؤس بعثة أخرى من 8 سفن. غير انه بعد عامين من السلوك الطغياني استدعي من جديد. ومن جديد حوكم وبرِّئ. ومن جديد اعطي 4 سفن صغيرة و150 رجلاً فسافر واكتشف هذه المرة جزيرة هندوراس وما حولها قبل أن يخسر اسطوله ويعود إلى اسبانيا حيث توفي في 19 آيار 1506. لم يحقق كولومبوس شيئا من الأهداف التي سعى اليها ولم يكتشف «كاتاي» أو الصين. لكنه فتح الطريق أمام اسوأ استعمار وحشي لما سيعرف فيما بعد بالأميركتين، على ايدي الاسبان والبرتغاليين. وشعر الهولنديون والبريطانيون بالغيرة فبدأوا رحلات التوسع عبر الاطلسي واكتشفوا نيويورك وشرق كندا. وعادوا بأنواع من الخضار والتبغ والحبوب غيرت طبيعة الحياة الزراعية والغذائية في القارة القديمة. ومع منتصف القرن السابع عشر كانوا قد استوطنوا كل بقعة مسكونة بما فيها استراليا ونيوزيلندا.

إلى اللقاء