مغامرة في وادي الملوك (2)

TT

قابلت الشيخ علي عبد الرسول منذ 35 عاماً بالبر الغربي بمدينة الأقصر الشهيرة، حيث كان يمتلك الفندق المعروف بفندق «المرسم» بالقرب من تمثالي «ممنون» العملاقين، والشيخ علي رحمه الله توفي في 1983، وهو أحد أفراد العائلة الشهيرة – أولاد عبد الرسول- التي عرفت أسرار وادي الملوك وأهم ما ينسب من أعمال لهذه العائلة هو العثور على خبيئة المومياوات الشهيرة عام 1881، تلك القصة التي جسدها العبقري الراحل شادي عبد السلام في فيلمه الشهير «المومياء»، ولعبت بطولته صديقتي الفنانة الجميلة نادية لطفي، وسيظل مشهد رحيل المومياوات الملكية من وادي الملوك إلى القاهرة على متن المركب «المنشية»، الذي يسير بالبخار ويتبع مصلحة الآثار آنذاك، من المشاهد التى لا تنسى، حيث خرج أهل القرنة وهم يودعون أجدادهم الملوك في مشهد حزين، وكأن تلك الأجساد قد ماتت بالأمس القريب وليس منذ آلاف السنين.

وقد صادقت الشيخ علي واستأنست بما يقصه عليّ من قصص وحكايات عن الأثريين الأجانب والمصريين، والغريب أن هذا الرجل في اللقاء الأول بيننا فوجئت به يقول لي إنه سوف يكون لي شأن ومستقبل في عالم الآثار! وحدث ذات يوم أن أخذني معه ودخلنا إلى مقبرة الملك «سيتي الأول» أجمل وأشهر مقابر وادي الملوك على الإطلاق، ونحن بحجرة الدفن الجميلة وجدته يشير إلى سرداب عميق كان مختفياً أسفل التابوت المرمري الجميل الذي باعه بلزوني مكتشف المقبرة إلى أحد المتاحف الخاصة بإنجلترا. وقال لي الشيخ علي إن بلزوني دخل هذا السرداب، وبعد ذلك حصل هو نفسه على تصريح من مصلحة الآثار للعمل ورجاله على كشف أسرار السرداب وذلك في 1960، واستطاع أن يحصل على تمويل مادي قدره 300 جنيه مصري كانت كافية لكي يقوم الشيخ علي ورجاله بتنظيف معظم السرداب حتى وصل إلى أكثر من 100 متر، وكان يقسم في كل ليلة بأن هذا السرداب يحتوي على حجرة دفن مخبأة للملك «سيتي الأول»، وأنه سيقيم الأفراح لمدة ثلاثة أيام متتالية في البر الغربي كله عندما يعثر على هذا الكنز. ورغم ذلك لم تتحقق أمنية الشيخ علي حيث نفد المال ولم يستطع رجاله تحمل الجو الخانق داخل السرداب، فاضطر إلى وقف العمل.

ودخلت هذا السرداب مرتين عندما أصبحت رئيساً للآثار وقررت معرفة أسراره وبدأت البعثة المصرية في العمل لتكشف لنا أن طول السرداب أكثر من 136 مترا، ولايزال أمامنا الكثير لنكشفه من أسرار داخل هذا السرداب بعد أن عثرنا على تمثال أوشابتي من الفيانس وآخر من الخشب يرجع إلى نفس عصر الملك «سيتي الأول»، ثاني ملوك الأسرة 19 من الدولة الحديثة، وكذلك عثرنا على أوان فخارية وقطع حجرية منقوشة واحدة منها تحمل اسم الملك «سيتي الأول»... وهذا يؤكد أن السرداب يوجد به الكثير من الأسرار. أما آخر زيارة لي للسرداب فقد حدث أن سقط حجر على قدمي ما زلت أعاني من آلامها، والحمد لله أنني خرجت من السرداب من دون كسور...

www.guardians.net/hawass