سلاح الفلسطينيين الجديد

TT

في كتابه «مكان تحت الشمس»، يقول رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق بنيامين نتانياهو إن الفلسطينيين انتصروا خلال انتفاضتهم الأولى عبر حسن توظيفهم للإعلام الذي كان إلى جانبهم وتمكنوا من أن يظهروا للمجتمع الدولي بصفتهم ضحية ممارسات الجيش الاسرائيلي وهذا ما أفضى إلى مؤتمر مدريد للسلام ولاحقاً اتفاق أوسلو.

الفلسطينيون هم بالتأكيد ضحية وهم أصحاب المأساة الأم ولم تحمل صور الانتفاضة الأولى توظيفاً بقدر ما نقلت ووثقت ممارسات عنيفة شائنة مورست بمنهجية ضد الفلسطينيين وعلى نطاق واسع.. لكن الكلام القديم هذا يعيد طرح نفسه كل فترة..اليوم يستعاد هذا الكلام مع اضطرار اسرائيل للإعلان عن اخضاع ضابط وجندي للتحقيق بعد كشف صور تظهر جنديا اسرائيليا يطلق النار على شاب فلسطيني مقيد اليدين ومعصوب العينين في قرية نعلين قرب رام الله في الضفة الغربية قبل أسبوعين.

فعلى قدر ما كانت مشاهد إطلاق جندي اسرائيلي الرصاص المطاطي عمداً على شاب فلسطيني مقيد ومعصوب وهادئ وغافل عما سيجري له، مؤذية وقاسية على قدر ما كان لهذه الصور قوة أربكت الجيش الاسرائيلي الذي اضطر لإيقاف الجندي ومحاولة تبرير ما حدث بل وتكذيبه.

هذه الحادثة دفعت بوزير الدفاع إيهود باراك إلى اعتبار أن «الجيش الاسرائيلي جيش أخلاقي يتصرف وفقاً لمعايير القتال النظيف» بل ويدعو للتحقيق والمحاسبة!

صحيح أن هذا الكلام ومن باراك نفسه يبدو مضحكاً ولا يحمل أي مصداقية، إلا أنه دليل كبير على الحرج الذي يمكن أن تثيره صور من هذا النوع ضد اسرائيل وهي التي سبق أن عانت من تدهور صورتها على مدى السنوات الماضية.

ويبدو أن الممارسات الإسرائيلية على المستوى الرسمي وعلى مستوى المستوطنين ضد الفلسطينيين دفعت بالفلسطينيين لابتكار أساليب مواجهة جديدة تعتمد على الكاميرات.

فقد باتت تقنية التصوير والتوثيق والبث واحداً من أهم أشكال المواجهة الجديدة والدائمة التي يعتمدها الناشطون الفلسطينيون لتثبيت وقوع الاعتداءات الاسرائيلية وبالتالي استخدامها أمام المحاكم ولدى المنظمات الحقوقية الناشطة في هذا المجال.

لقد أمنت وسائل الاتصال الحديث، خصوصاً مع تطور التقنية وتراجع الكلفة انتشاراً سمح للفلسطينيين باعتماد الكاميرا بصفتها سلاح مواجهة جديدا ربما يفوق في قدرته وانتشاره السلاح التقليدي.

إنها حقيقة تستأهل التفكير والتطوير..

يقول بعض الناشطين الفلسطينيين ان الكاميرات أنقذت عدداً من الفلسطينيين من الاعتقال كونها تدحض ادعاءات بعض الجنود الاسرائيليين بأن شباناً استخدموا العنف ضدهم فأتت الكاميرات والصور لتوثق عكس ذلك.

قدرة انتشار الصور ونفاذها وحضورها باتت شيئا غير مسبوق، وبالتالي أن يمنهج الفلسطينيون استخدامهم لهذه التقنية في مواجهة اسرائيل يبدو أمراً يستحق التوقف عنده.

diana@ asharqalawsat.com