أنت حر.. إذن امتنع فوراً!

TT

في حياتك العادية إذا قررت أن تمتنع عن شيء فما الذي تفعله: التدخين أو القهوة أو الشاي أو الإسراف في الطعام أو في السهر؟

هناك طريقتان: أن تمتنع تماماً مرة واحدة وهذا مرهق جداً نفسياً وصحياً ولكن هناك عدداً من الأطباء ينصحون بذلك..

أما الطريقة الثانية فهي أن تتدرج في الامتناع وهذا هو الأسلوب المعتدل.. وعدد من العلماء يفضلون أن يأخذ الإنسان نفسه بالعقل والرفق لأن الامتناع المفاجئ من الممكن أن يؤدي إلى العودة المفاجئة.. والذين امتنعوا عن التدخين مرة واحدة عادوا إليه مرة واحدة! وإذا انتقلنا من التجربة الفردية إلى التجربة القومية فما الذي يمكن أن نفعله إذا ارتفعت أسعار بعض السلع ولتكن هذه السلع: اللحمة أو الفاكهة؟!

إن هذا الموقف يصبح خطيراً جداً إذا كان ظاهرة عامة أي إذا ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية فجأة وبلا ضوابط دون أن تستطيع الدولة أن تفعل شيئاً مع التجار الجشعين أو تجار السوق السوداء.. في هذه الحالة ليس هناك إلا الشعب.. إلا أن يعملوا معاً ـ صفاً واحداً وجبهة واحدة ـ ما اعتادوا أن يفعلوه في حياتهم الخاصة.. وهو الامتناع مرة واحدة أو بالتدريج وليس هذا أسلوباً جديداً أو اكتشافاً حديثاً. فكثير من الناس يفعلون ذلك في حياتهم الخاصة، والأطباء ينصحون بذلك.. ثم أن شعوباً كثيرة فعلت ذلك. في بريطانيا قامت ربات البيوت بالامتناع أكثر من مرة عن أكل اللحوم.. وكان من نتيجة ذلك أن انخفض سعر اللحم. وفي ألمانيا، وهي أغنى دولة في العالم، اختصر الشعب عدد فناجين القهوة التي يشربها كل يوم.. فكان من نتيجة ذلك أن انخفض ثمن البن وسعر فنجان القهوة..

إذن فهذا الأسلوب لا يزال متبعاً على مستوى الأفراد وعلى مستوى الشعوب، أغنى الشعوب.

أتمنى أن نجرب هذه الطريقة التي هي نوع من قوة الإرادة والاحتجاج، أي قوة الإرادة في أن نتوقف عن شراء أو أكل أو شرب ما نحبه وفي نفس الوقت أن نقول لا لهؤلاء الجشعين واللصوص وتجار أقوات الشعب في أسود الأسواق!

إنك إذا فعلت ذلك، أو أننا إذا فعلنا ذلك، فإننا نؤكد لأنفسنا أننا أحرار من قيود العادة.. عادة أن نشتري ما نجده، مهما كان ثمنه.. وأن نأكل ما اعتدنا أن نأكله مهما كانت الطريقة التي نحصل بها عليه.. ولكن إذا قررنا أن نرفض هذا الطعام وأن نرفض هؤلاء اللصوص: فإن هذه قمة حريتنا وعظمة إرادتنا وأشرف احتجاجاتنا من أجل أنفسنا ومن أجل بلادنا!