إياك أن تلمس هذه البطاقة

TT

قال لي: إذا أردت أن تكون ضابطاً في الجيش، فاحرص على أن تكون وُلدت في سبتمبر أو نوفمبر، وإذا شئت أن تصبح موسيقيا أو ممثلا، فينبغي أن تكون وُلدت في فبراير، وإذا أردت أن تغدو رساماً، فمولدك يجب أن يكون قد تم في مايو، أما إذا كنت تزمع أن تصير طبيباً أو محامياً، فيحسن أن تكون وُلدت في أكتوبر، ومحبو الظهور يولدون في ديسمبر، والانطوائيون يولدون في مايو، وتكون من المحظوظين لو أنك ولدت في أبريل، حيث أن الأمل وروح التفاؤل سوف يلازمانك طوال حياتك.

قلت له: يا سلام!!، ومَن هو الذي أكد لك هذه الحقيقة (الخزعبلية)؟!

ـ أرجوك (بلا مسخرة)، هذه إحصاءات علمية ميدانية تناولها البروفسور الشهير (الن سميذرز) أستاذ التربية في جامعة (فكتوريا) في مانشستر، ونشرها في مجلة «المجتمع الجديد».

ـ آسف، ليس قصدي التكذيب، ولكن فقط التشكيك.

ـ تشكيك على إيه، ومثل ماذا؟!

ـ يعني لو أنني أردت أن أكون سائس خيل مثلا ففي أي شهر يتوجب أن أولد ليتحقق لي ذلك، أو لو أردت أن أكون لاعب سيرك، أو راقص باليه، أو طباخاً، أو حامل أثقال، أو (قتّال قُتلا)، فأي شهر سوف أختار والأشهر كلها عن بكرة أبيها لا تزيد في السنة عن اثني عشر شهرا ونصف.

ـ هذا النصف أتيت به أنت من عندك.

ـ أعرف ذلك، ولكن من الممكن أن يكون طالما أن بروفسورك بهذه (الأريحيّة)، وأنت بهذه السذاجة.

ـ الحق عليّ أن أتناقش مع جاهل مثلك.

ـ لك الحق أن تقول ذلك، فلقد ذكرتني بكل مَن يؤمن ويثق (بعلم الأبراج) ـ خصوصاً النساء المتحمسات ـ وقبل أيام سألتني فتاة متراقصة ومتناسقة الأطراف: ما هو برجك؟!

نظرت إليها وكدت أقول لها: أنت، ولكنني تداركت نفسي في آخر لحظة وقلت لها: لم أولد بعد حتى أعرف برجي. ارتبكت المسكينة مبتعدة عني، ولمحت في عينيها بريقاً يؤكد أنني غير طبيعي. أردت أن أناديها قائلا لها: تعالي يا صغيرتي لا تخافي، ولكنني أشفقت عليها وتركتها تمضي إلى حيث الأمان.

***

قال لي: في مرحلة من حياتي قررت (التقشف) وضغط مصروفاتي بقدر ما أستطيع ـ وما زالت هذه المرحلة مستمرة ـ لهذا أحاول بشتى الوسائل عدم استخدام (بطاقة الاعتماد)، ولكنني اضطررت إلى ذلك وأنا أقدم بطاقتي لموظف الاستعلامات في أحد فنادق الرياض، تناولها مني وأخذ يتأملها برهة ثم أعادها لي باستهجان.

وعندما تسلمتها متعجباً ونظرت لها، وجدتني قد كتبت عليها من الخلف: إياك أن تلمس هذه البطاقة ما حييت.

***

أسألكم: هل ذلك الشخص الذي سوف أحكي لكم موقفه الآن، هل هو على حق أم أنه أرعن؟!

هو رجل موظف استدعاه مديره وسلمه أوراق تقاعده النهائية، ولكي يخفف عليه وقع ذلك الخبر، أخذ يحكي له (نكتة)، غير أن ذلك الموظف بقي مغلقاً فمه، ويا ليته استمر على ذلك، ولكنه قال للمدير بعد أن انتهى: لم أضحك لنكتتك لسببين؛ أولا: لأنها بايخة وسخيفة، وثانيا: لأنني تقاعدت ولا تهمني أنت الآن!

[email protected]