أخيرا .. أوباما مع ضرب إيران

TT

كان يتعمد الهروب من فكرة أي صدام عسكري، وتحديدا مع إيران، إلا ان مرشح الرئاسة الاميركي باراك أوباما أخيرا لم يجد بدا من القبول بالخيار العسكري ضد إيران بنفس اللغة التي يطرحها خصمه جون ماكين، ويتبناها الرئيس جورج بوش، وتقريبا تؤيدها الدول المعنية مثل فرنسا وبريطانيا، الخيار العسكري يأتي في حال فشل التفاوض السلمي الذي ازدادت احتمالاته بعد فشل الجولة المهمة الاخيرة في جنيف. وخطورة استسلام أوباما لفكرة ضرب إيران انها تعني انه لم يعد هناك في الساحة السياسية من سيعارض إعلان الحرب لو قررت حكومة بوش التحرك عسكريا. موقف أوباما الواضح انقلاب حقيقي في الولايات المتحدة، بعد ان كان الديموقراطيون يمثلون قلعة الرفض، ويحذرون بوش حتى في التفكير في حرب جديدة. صاروا اليوم، من خلال مرشحهم، يعتبرون إيران «خطرا داهما»، ويعلن أوباما ان على العالم ان يمنعها من الحصول على سلاح ذري. وحذر أوباما الإيرانيين من الملف النووي قائلا: «ينبغي أن تدرك إيران أنه سواء أكانت ادارة (الرئيس جورج) بوش أم إدارة أوباما، في السلطة.. فان هذا مبعث قلق أعظم بالنسبة للولايات المتحدة».

كانت إيران تأمل في ان يقسم التنافس الانتخابي الولايات المتحدة بين مؤيد ومعارض، وبموقف أوباما الجديد لم يعد ذلك ممكنا. وعمليا لم يتبق في الساحة المهمة سوى وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس، التي تتزعم الحل السلمي فقط. فهي تتحاشى استخدام تعبير الخيار العسكري حتى باتت متهمة بأنها التي هدأت لغة الحكومة، وسمحت لإيران بالمماطلة. فالوزيرة رايس دعمت اسلوب زيادة الحوافز لإيران في المفاوضات، وابتعدت عن لغة التهديد تماما، وسمحت لرجلها الثالث في الوزارة بالمشاركة في المفاوضات، واقترحت فتح مكتب في طهران. بذلك خالفت كل النواهي الامريكية حيث تحرم واشنطن على حلفائها التقارب مع طهران، وتهدد بعقوبات على مؤسساتهم الاقتصادية. النتيجة ان إيران تلقت الاشارات الاميركية الايجابية بالتحدي وإعلان الانتصار، فسّرته صحيفة «جمهوري إسلامي» الإيرانية، بأن الولايات المتحدة «لم تعد قوة عظمى وأن نفوذها يضعف». وحتى بعد ان سخرت طهران من العرض الكريم الاخير، الذي منحه المتفاوضون، كان أقصى ما عبرت به رايس انها حذرت إيران بأن صبر حكومتها نفد، وقد تضطر الى ان تذهب الى نيويورك، أي الى مزيد من العقوبات الاقتصادية.

لكن رايس تكاد تكون وحيدة بعد ان استمر عناد إيران، وصار الحلفاء مقتنعين بمبدأ «مهما كلف الأمر» من اجل منع إيران من التسلح النووي. زادت عزلتها بعد ان صار الخيار العسكري مقبولا عند آخر الرافضين، أوباما. اما الاسرائيليون فكعادتهم متحمسون للخيار العسكري من أجل توسيع دورهم في المنطقة، وفي عجلة من أمرهم، حيث قال الجنرال اشكنازي في واشنطن: «الكل يعلم أننا نعد العدة لجميع الخيارات».

[email protected]