«بنات الرياض» من الجدل المحلي إلى الاحتفاء العالمي

TT

رجاء الصانع، روائية سعودية شابة في العشرينات من عمرها تعيش اليوم متعة الانضمام إلى نادي الروائيين العالميين، بعد أن ترجمت روايتها «بنات الرياض» إلى 20 لغة، وبعد أن حققت هذه الرواية أرباحا بلغت نحو 500 ألف دولار أمريكي خلال شهر واحد فقط من توزيعها في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا، بحسبما نشر على أحد المواقع الإخبارية الإلكترونية عن مقال كتبه توم هندلي في جريدة «شيكاغو تربيون» أخيرا.. فاحتفاء العالم اليوم بهذه الكاتبة قد يعوضها عن بعض المعاناة النفسية التي عاشتها إبان صدور روايتها، والحملات التي تعرضت لها من قبل من ارتأوا أن الروائية دخلت بقلمها مناطق محظورة لا ينبغي ولوجها أو البوح بأسرارها، وإن كان هؤلاء شكلوا بحملتهم ـ من حيث لا يقصدون ـ جزءا من شهرة الرواية وكاتبتها.

رواية «بنات الرياض» أوقدت شرارة المحاولة الروائية في عدد من الأقلام الشابة، التي راحت تسبر أغوار بيئتها الاجتماعية بقدر من الجرأة، حتى غدت أشبه بالطفل المشاكس، خفيف الظل، الذي يذيع أخبار الأهل، ويكشف أسرارهم، فالروائيون السعوديون الجدد يقودون اليوم قطعان الكلام إلى مناطق ظلت طويلا مسكونة بالصمت، فكان لزاما أن تثير رواياتهم نقع المدح والقدح، وذلك ضروري لانتشار الرواية، بل ويمثل الوتر الذي تلعب عليه بعض دور النشر العربية للترويج لإصداراتها الروائية، وبصورة خاصة تلك الروايات التي تمنع من الدخول إلى هذه البلاد أو تلك، فالمنع أكثر الوسائل المساعدة على الانتشار.. وقد كانت دور النشر تلك تتعامل مع الروائيين السعوديين من عل إلى ما قبل بضع سنوات، فكانت تحملهم تكاليف الطباعة والتوزيع والتسويق، قبل أن تتفضل على رواياتهم بالصدور مقترنة بأسماء دورهم، لكن ما حققته روايات بعض هؤلاء الشباب من رواج غير نظرة أولئك الناشرين ليصبح الاهتمام بالرواية السعودية الحديثة جزءا ضروريا للحضور إلى ساحة تتسم بالحراك والجدة والرواج.

ولو استمرت الرواية السعودية بنفس زخم إيقاعها الحالي، فإنها ستشكل منظومة ترصد الكثير من دقائق حياتنا المعاصرة، وستفرز أدباء ربما يجد بعضهم حظوظا في الانتشار عالميا، كما تحقق لأحمد أبو دهمان ورجاء الصانع.. وليس بوسعنا أمام هذا المد الروائي في السعودية وغيرها من الدول العربية سوى القول بأن الرواية غدت ديوان العرب الجديد، فالشعر ـ الذي كان خبز العرب وزادهم ـ قد استهلك أغراضه التقليدية، وارتمى في أحضان المديح، والمألوف، والمتكرر، ومسابقات الملايين، ليحيا الشعر الصادق الجميل وحيدا، وغريبا، بمنأى عن جوقة المتشاعرين، الذين نصبوا أطناب خيامهم عند أعتاب «ما يطلبه المستمعون»، ولتنفرد الرواية بالمكان، والمكانة، وصدق التجربة، وجرأة الإبداع.

[email protected]