هو اكتشفها ونابوليون باعها

TT

لم أكن أعرف، عندما أقمنا في مونتريال، أن أسماء الشوارع البسيطة أو الكبرى التي نمر بها، كانت أسماء رجال عاديين أو بسطاء هم الذين «اكتشفوا» ذلك الجزء الجميل من العالم وسمّوه، بكل بساطة أيضاً، «فرنسا الجديدة». كان كولومبوس قد قاد الأيبيريين، الإسبان والبرتغاليين، إلى أميركا الوسطى وجنوبها. وبارك الفاتيكان كل أرض تكتشف خلف المحيط لأهل أيبيريا وفرسانهم المتوحشين. لكن المكتشفين من أهل شمال أوروبا أبحروا في اتجاه ساحل أميركا الشمالية يرفعون أعلاماً أخرى: بريطانيا وهولندا وفرنسا. وسميت أول مستعمرة كندية مقفرة وباردة وخضراء «فرنسا الجديدة». وكانت الأغنى أيضا. فقد كان الهنود يأتون بالفراء لقاء مبالغ زهيدة وينقله التجار إلى عواصم أوروبا بمبالغ طائلة.

مع حلول القرن السابع عشر كان عدد المغامرين قد تضاعف. وكان أحد أبرز هؤلاء المسيو رينه دو لاسال، الذي سبقه والده إلى مونتريال. فلما وصل الأرض المقفرة أعطي مساحة 8 أميال يزرعها، فزرعها وأقام فيها البيوت. وراح يتعلم اللهجات الهندية لكي يعرف من السكان الأصليين منابع المياه ومواقع الثروات. ومضى سنة 1669 يستكشف المجاهل طوال عامين حتى وصل إلى نهري أوهايو وإلينوي (شيكاغو اليوم). وقرر دو لاسال، بمساعدة حاكم «فرنسا الجديدة»، جان تالون، العودة إلى فرنسا ليطلب من الملك لويس الرابع عشر مساعدته على استعمار تلك المنطقة برمتها قبل أن يعلنها البريطانيون والهولنديون ملكاً لهم. ووافق الملك شرط السعي إلى الحصول على «مناجم للنحاس».

قام لاسال بالرحلة الثانية في نوفمبر (تشرين الثاني) 1678، وفي 6 ديسمبر (كانون الأول)، كان قد اكتشف شلالات نياغرا. غير أن البحارة كانوا قد بدأوا التذمر والتمرد وسفينتهم قد تحطمت. وبدأ لاسال ببناء سفينة صغيرة أخرى من الحطام، ولم يلق أي مساعدة من الهنود في المنطقة. وبعد شهور طويلة من العناء قرر إكمال الرحلة إلى نهر المسيسيبي لكي يتملك جميع روافده وينابيعه والمناطق المحيطة به.

لم تكن رحلة العودة في المسيسيبي أكثر سهولة. عانى الجميع من الحرارة والجوع، خصوصاً لاسال. لكنه شفي ليبدأ في إقامة مستعمرات جديدة من نوعها: بالمشاركة مع الهنود وليس ضدهم. وكانت أول مستعمرة تضم 23 فرنسيا و20 ألف هندي. لكن الفريق الذي اكتشف طريق الذهاب ضاع وتشتت في رحلة العودة. وأدى سوء طباع لاسال إلى مقتله هو وابن شقيقه. ولم يعد أحد يهتدي إلى المسيسيبي الذي فقدوه فتفرقوا وضاعوا في البراري والمجاهل.

بعد ذلك باع نابوليون بونابرت المنطقة إلى الولايات المتحدة وأنهى بذلك حلم المسيو دو لاسال بأن تتكلم أميركا الشمالية الفرنسية.