خليجيون بلا جنسية

TT

فتحت مبادرة جزر القمر منح الجنسيات لنحو أربعة آلاف خليجي، لا تعترف بهم بلدانهم، ملف «المواطنين البدون»، الذين لا يحملون الجنسية، ولا يعترف بهم داخليا، ولا يستطيعون السفر خارجيا.

وحتى يكون الحديث موضوعيا، لابد من القول ان المشكلة موجودة في كل مكان في العالم تقريبا، اناس لا تعترف بهم بلدانهم، الذين يعيشون على ارضها.

انما «مواطنو الخليج البدون»، ليسوا وافدين جددا، بل عاشوا وتوالدوا لأجيال، ولم يعد لهم بلد يعودون اليه، ومع ذلك ترفض بلدانهم الجديدة الاعتراف بهم ومنحهم هوياتها، وهي لا تحاول تصحيح اوضاعهم.

الغرب، الذي واجه المشكلة بمقاييس اكبر كثيرا من حيث العدد والموجات، قنن العلاقة بحيث يحصل المهاجر شرعيا على جنسية البلد المستضيف، وبعضها يمنحها في زمن لا يتجاوز السبع سنوات. اما في دول الخليج فقد يعيشون مائة عام ولا يعترف بهم، ولا يوجد بلد آخر يقبل بعودتهم. وهنا نحن نتحدث عن «مواطنين» حقيقيين، بمعناها العام، ولدوا وتعلموا واقاموا وربما تزوجوا وانجبوا، اي عن اناس اقاموا اكثر من ثلاثين عاما بشكل متواصل، جعلت من أي فرد مواطنا عاديا كغيره. وكل بلدان الخليج تستطيع، بل تحتاج، الى استيعاب «مواطنيها» هؤلاء.

وحتى لو تجاهل المشرع المحلي العامل الانساني والاخلاقي والوطني والحاجة الاقتصادية، فإنه لا يمكن الغاء وجودهم، حتى لو ضرب عرضا بكل العوامل السابقة، فإنه سيواجه بعد زمن، مهما طال الزمن.. عشر سنوات أو أربعين سنة أخرى، انه مضطر الى استيعاب المقيمين الدائمين ومنحهم الجنسية. والسؤال لماذا يطيل عذاب هؤلاء الناس ويتركهم يعيشون على الهامش، أو كالاشباح.

طبيعة الأمور في العالم كله والخليج ليس استثناء، انه لن يمكن التخلص من المقيمين الدائمين، لأنه لا توجد حلول أخرى، بدليل ان جزر القمر عاجزة عن استيعاب رقم صغير من اربعة آلاف شخص رغم حاجتها المالية وقيمتهم الاقتصادية الجيدة. ستجد الحكومات انها مضطرة الى القبول بهم والاعتراف بمواطنيتهم، هؤلاء مقيمون وسيحصلون على الجنسية في يوم مقبل، وكلما طال الزمن، زادها تعقيدا واضرارا بالمصلحة العامة.

المؤسف ان دول الخليج ذات الامكانيات الاقتصادية الأفضل تحاول التهرب من واجبها تجاه اناس يعيشون على ارضها، كالنعامة تدس رأسها في الرمل. ولا ندري كيف تظن انها ستتخلص من مواطن ولد على ارضها، وانجب ولدا كبر وتزوج، وغدا سينجب ويتزوج. متى والى اين سترمي بهم؟ وما هو البلد الذي سيستقبلهم؟ لقد انفقت عليهم الكثير، وصار واجبها أن تصحح أوضاعهم واليوم هو الوقت المناسب.

[email protected]