كتابات للصيف لغز «المسلم الطيب»

TT

هل قاد أحمد بن ماجد حقاً سفينة فاسكو دي غاما إلى الهند؟ الأقوال كثيرة ومتناقضة. البعض رأى في ذلك أنه لولا ابن ماجد لما وصل الدبلوماسي البرتغالي إلى الهند. والبعض الآخر يقول إنه لا يمكن لرجل متدين مثل ابن ماجد أن يساعد سفاحاً نكّل بالمسلمين في كل مكان. ويرفض الدكتور عبد الهادي التازي هذه الادعاءات، استنادا إلى وثائق حصل عليها في سلطنة عمان (ابن ماجد والبرتغال). لكن المستشرق البرتغالي كتانهيدا، يروي أن ابن ماجد صعد إلى سفينة دي غاما على ساحل كينيا ومن هناك قاده إلى الهند سنة 1498، وبالتالي فهو أحق بلقب مكتشف طريق الهند.

رحم الله الدكتور يوسف الشيراوي. لو كان حياً لسألناه أن يفتي لنا في الأمر. فقد أحب ابن ماجد فلكياً وعالماً ورحالة.

ويرى الدكتور أنور عبد العليم في كتابه «ابن ماجد الملاح» (1967)، أن أول من كشف دور بن ماجد هو المستشرق الفرنسي غابرييل فران عام 1922 عندما أشار إلى مخطوطة لقطب الدين النهروالي بعنوان «البرق اليماني في الفتح العثماني» (عام 1557م)، ورد فيه صراحة اسم أحمد بن ماجد.

ولد ابن ماجد في رأس الخيمة، وكان جده ماهرا في الملاحة، كذلك والده الذي لقب بـ«ربان البرين»، أي الساحلين العربي والأفريقي. وقيل برَّ العرب وبرَّ العجم. وكان يصغي إلى حكايات جده فيما والده في أعالي البحار. لقب ابن ماجد ألقاباً كثيرة: أسد البحر، ليث الليوث، شيخ ربابنة المحيط الهندي والبحر الأحمر وبحر الزنج وخليج عمان والخليج العربي وبحر جاوا وبحر الصين في القرن الخامس عشر الميلادي. وكان يصلي قبل أي إبحار ويبتهل. ويراقب صنع المركب منذ البداية ويشرف عليه. وكان صبورا ثابت القلب وبارعا في علم الفلك ومعرفة اتجاه الريح.

زاد في غموض قضية ابن ماجد الرجل الذي كان في إمكانه أن يحسمها: فاسكو دي غاما. ففي ماليندي (كينيا)، يذكر أنه عثر على الملاح المثالي الذي سيقوده في بقية الرحلة إلى الهند، لكنه لا يسميه مكتفيا بالقول إنه «المسلم الطيب». غادر دي غاما ماليندي في 24 أبريل (نيسان) 1498، وبعد شهر وصل أسطوله إلى كاليكوت في الهند بفضل رجل واحد هو «المسلم الطيب» الذي كان يعرف المنطقة مثل راحة يده. هل كان يمكن أن يكون عالما وقبطانا ومرشدا مثل «المسلم الطيب» أحد سوى أحمد بن ماجد؟ لماذا لم يسمه دي غاما؟ لماذا أقامت له البرتغال نصبا في ما بعد؟ لماذا ترك ابن ماجد ودي غاما في هذه الحيرة؟

إلى اللقاء