شركات البترول ونفط العراق

TT

أثارت التقارير حول أن عددا من شركات البترول العالمية على وشك توقيع عقود مع العراق الكثير من ردود الأفعال الغاضبة في بعض وسائل الإعلام وفي الكابيتول هيل. وقد وصفت الصفقات على نطاق واسع بأنها عقود بلا عطاءات، مما يعني أن شركات البترول الكبرى قد استخدمت نفوذها السياسي للدخول إلى العراق مما يجدد الشكوك حول السبب وراء الغزو الأميركي للعراق وأنه كان من أجل استغلال ثرواته الطبيعية. وفي مجلس الشيوخ، أفاد الديمقراطيون بأن العقود سوف تزيد من الانقسام العرقي في العراق، وقد هدد المشرعون بقطع التمويل عن بعض البرامج غير العسكرية في العراق إذا أبرمت مثل هذه الصفقات دون موافقة مسبقة على تشريع المركبات العضوية الجديد.

وإذا كان السبب في غزو العراق هو الحصول على البترول، فلندرك جميعا أن المهمة قد ساءت أكثر من أي وقت مضى. فقد انخفض إنتاج العراق من البترول بعد بدء الحرب، ولم يرجع إلى مستويات عهد صدام إلا في العام الجاري. ويمكن أن يسهم ذلك في تحسين الأوضاع الأمنية لاسيما في الشمال حيث يوجد خط تصدير البترول. لكن يبدو أن شركات البترول العالمية تستحق نصيبا من الكعكة كذلك.

وقد وقعت أكثر من 40 شركة أجنبية من شركات النفط على مذكرات تفاهم مع وزارة البترول العراقية خلال السنوات الأربع الماضية. وقدمت الشركات ملايين الدولارات في صورة استشارات ودراسات ميدانية وبرامج تدريبية وفي بعض الحالات في صورة إرشاد للمشتريات وإدارة المخزون النفطي للوزارة التي يزداد موقفها صعوبة، كل ذلك بلا مقابل. ولم تفش أي من هذه الشركات سرا عندما أعلنت عن أنها تأمل في أن تكون هذه المساعدة سبيلا لتعزيز مكانتها في المستقبل، لكن المساعدة كانت أمرا هاما في سبيل استعادة الإنتاج العراقي من البترول، لا سيما في الحقول الكبرى.

وقد وجدت وزارة البترول العراقية نفسها في موقف لا تحسد عليه العام الماضي. وقد أدركت أن هذه العلاقة ذات الطرف الواحد لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، كما احتاجت إلى تمديد برامج مساعداتها. ولذلك، ففي الخريف الماضي، التقى مسؤولون في الوزارة مع مسؤولين في تسع شركات بصورة مباشرة، وذلك من أجل صياغة العلاقات خلال العامين المقبلين والوصول إلى آلية تعرف باسم اتفاقية الدعم الفني. وكان الهدف هو التعاقد مع الشركات من أجل دعم مشتريات الحكومة وإدارة المشاريع ومهام إدارة الحقول لزيادة الإنتاج.

وقد أثبت المسؤولون العراقيون صلابتهم في المحادثات مع هذه الشركات، حيث كانوا يحاولون الحصول على أفضل عروض لبلادهم. ولم يتم الإفصاح عن شروط هذه الاتفاقيات ولكن يبدو أن العوائد غير ضخمة لهذه الشركات وأن أهداف الإنتاج صعبة للغاية. وربما ما يشكل أهمية كبرى هو أن هذه الشركات قد أخبرت بأن اتفاقيات الدعم لا تضمن لها أي تفضيل للتنقيب في هذه الحقول أو أي حقول أخرى عندما يبدأ الإعلان عن المناقصات التي تأمل وزارة البترول أن تجري مطلع العام المقبل. ومن شأن إيقاف اتفاقيات الدعم في هذه المرحلة أن يرحم العراق من مساعدات هامة. ومن الممكن لمثل ذلك أن يحرم صناعة البترول في العراق من الكثير مما تحتاج إليه من شركات ترغب بغداد في العمل معها. كما سيحرم البلاد من عوائد يمكن أن تحسن من موقفها المالي وأن تخفف الحمل عن دافعي الضرائب الأميركيين.

والمنتقدون في مجلس الشيوخ كذلك يضرون بمصالح الولايات المتحدة: فإعاقة مثل هذه الاتفاقيات تنقل للعراقيين صورة التدخل الأميركي المباشر في شؤونهم الداخلية والانطباع بأن أميركا تبحث عن إعاقة تطور البلاد. ولا شك أن هؤلاء المنتقدين في مجلس الشيوخ يرغبون في العمل لصالح الولايات المتحدة، ولكن من الصعب رؤية جدوى ذلك في أفعالهم على المدى البعيد للعراق والولايات المتحدة.

* الكاتب مدير أول في «بي إف سي» للطاقة في واشنطن، حيث يرأس قسم الخدمات الاستشارية العراقية، الذي يقدم الاستشارات لشركات البترول والغاز.

* خدمة «واشنطن بوست»

ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»