كتابات للصيف قهروا سقف العالم

TT

حاولت أن اعرف من كان أول من استخدم تعبير «قهر» قمة افرست. هل كان عربيا؟ هل نقل التعبير عن لغة أخرى؟ وفي أي حال، ليس هناك صورة تعبيرية أقرب من «القهر». كم تبدو عادية وباهتة كلمة «الوصول» إلى افرست، أو «بلوغ» أعلى قمة في الأرض. فهل هو مجرد وصول أو بلوغ أن يتسلق إنسان ارتفاع 29 ألف قدم، في أقصى حالات الصقيع والريح وانعدام الأوكسجين والعلو الذي يكاد يضعك على حافة الأرض؟

لكن «القاهرين» كانوا كثرا. وآخرهم كان مواطننا ماكسيميليان شعيا، الذي درس الاقتصاد وانصرف إلى الممارسات الرياضية. ولا أدري كيف يترك رجل أربعة أولاد ليذهب ويتسلق افرست، ثم يعود ومعه صور الرحلة، كأنه كان بين زهور بادن بادن أو في سهول الريف الإنجليزي. لكن الرحلة لم تكن بهذه السهولة عندما قامت أول بعثة بالمحاولة عام 1921. وبعد تسلق 23 ألف قدم عاد رجال البعثة متراجعين، لكن بعد عملية مسح للبعثة التالية.

على علو 25 ألف قدم بدأ الهذيان يضرب الرجال وأفقدهم نضوب الأوكسجين القدرة على الحركة. واشتدت عليهم الرياح التي ضربت خيمتهم. وفي النهاية عادوا بعد تسلق 27 ألفا و300 قدم. ثم قاموا بمحاولة ثانية في الشهر التالي فقدوا خلالها سبعة من الحمالين النيباليين. 7 حزيران 1924 انطلق جورج مالوري والمتسلق ساندي ايرفنغ للمرة الأخيرة في محاولة القهر. وقد نسي مالوري مصباحه الكهربائي وبوصلته في المخيم. وبالتالي لم يعد في إمكانه إرسال إشارات استغاثة. بعد يومين حاول فريق البعثة البحث عنهما فلم يجدوا أثرا. وفي نهاية حزيران 1924 عاد الجميع إلى بريطانيا وقد تضخمت قلوبهم وأصيبت أجسامهم بأضرار وحروق. وعام 1978 تمكن الثنائي راينولد ميسنر وبيتر هابلير من قهر افرست ومن دون استخدام الأوكسجين. واستمر البحث عن جثتي مالوري وايرفين. وعام 1975 أفاد متسلق صيني أنه رأى «جثة رجل إنجليزي» على الارتفاع الذي فقد فيه الرجلان. وفي عام 1999 عثر فريق أميركي على جثة مالوري بحال جيدة ورجله اليمنى مكسورة ومهشمة.

الجثث التي لم يعثر عليها أحد هي جثث الحمالين الذين كانوا يرافقون البعثة. المرافقون الطيبون الذين أحزن موتهم مالوري.

فكتب في مفكرته قبل أن يموت هو أيضا: «آه» لماذا لم يمت البريطانيون أيضا؟ سبعة من هؤلاء الرجال الشجعان قتلوا. وكل ذلك مسؤوليتي. لست قادرا على أن أعيد كل شيء من جديد». إلى اللقاء.