نجاد في ثلاث مناسبات إيجابية

TT

لا ندري إن كنا نشاهد سباقا محموما بين دمشق وطهران على قلب الغرب، أو تنسيقا دقيقا بين البلدين، فيه تغيير من سياسة التصادم الى سياسة المهادنة والمصالحة، من دون تقديم تنازلات حقيقية.

مقابلة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لمحطة تلفزيون أميركية كانت المناسبة الثالثة في شهر، أبدى فيها آراء إيجابية حيال واشنطن، وقبلها كان قد ألقى خطبة أعلن فيها موافقته على فتح مكتب قنصلي للحكومة الأميركية في طهران، ثم عاد في مناسبة ثانية وأثنى على الخطوة، موضحا أن بلاده لا تريد المواجهة. أما حديثه للقناة التلفزيونية الأميركية فأكثر المؤشرات وضوحا على خطاب جديد تحدث، كما لو كان المهاتما غاندي، عن السلام وكراهيته للحروب ورفضه للسلاح النووي وانه سلاح لا تكسب به المعارك، متخليا عن لغته الشمشونية التي اشتهر بها بتهديد إسرائيل بالحرق، وتدمير القوة الأميركية، معتبرا ان التخصيب والمشروع النووي مسألة لا تقبل المراجعة أو المراقبة. رافقت تصريحاته أيضا تصريحات من أحد كبار مساعديه يثني على إسرائيل، معلنا أن ايران تريد ان تكون صديقة لا عدوة لها. أما التحول السوري فقد سبق ايران بنحو شهرين، ومضى اشواطا عملية بعيدة، مما يؤكد احتمالا واحدا من اثنين، إما أن الحليفين على خلاف كبير، وقرر كل طرف أن يسير في عكس السياسة المشتركة، أو أنهما على اتفاق وتنسيق كبيرين. البداية من دمشق عندما فاجأت الجميع بأنها بدأت تتفاوض مع الإسرائيليين في تركيا، وتشرب القهوة مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت في المؤتمر المتوسطي، وكذلك في الاحتفال الفرنسي، اضافة الى ارسال مبعوثين الى واشنطن لملاقاة مقربين من إسرائيل، وتطوع سفرائها بإلقاء خطب تصرح برغبة دمشق انهاء حالة الحرب مع إسرائيل. لا أتصور أن التطور الأخير هو نتيجة حالة خوف من أنباء عن استعداد لضربات عسكرية مقبلة على إيران، أو زيادة المحاصرة على سورية وكبار مسؤوليها. فالقيادة الإيرانية، وكذلك السورية، كل منهما لها جلد منيع كالتمساح.

وأيا كانت الحقيقة، خلافا أم تنسيقا، فإن الخطوات الجديدة لأول مرة منحت المنطقة نسمة ارتياح، وبعثت بشيء من الأمل في السلام، بعد أن مرت عليها أشهر عديدة من التوتر اشعلتها تهديدات الحرب المتبادلة. وفي رأي أحد المتابعين، قال انه يرى شقوقا في العلاقة بين طهران ودمشق، والحق يقال إنها منذ البداية علاقة غير طبيعية فرضتها المخاوف بسبب مضاعفات اغتيال الحريري. فالنظام السوري يقوم في وجوده على مجموعة توازنات، من بينها علاقة جيدة مع طهران لا معظم العلاقة. وبانحراف دمشق نحو الخط الإيراني صارت عمليا في خصام فوري مع كل خصوم طهران من العرب. وفي نفس الوقت لا يوجد إلا القليل يجمع بين نظام ديني متطرف ونظام يناصب المتدينين العداء. فان كان التحول يمثل خروجا سوريا على إيران فستكون اخبارا طيبة للعرب، وإن كان تنسيقا سوريا مع الإيرانيين على سياسة مصالحة اقليمية ودولية جديدة فهي اخبار رائعة للجميع، أما إن كانت التصريحات والتقارب مجرد مكياج اعلامي ودعاية موجهة للغرب فان المنطقة ستراوح مكانها.

[email protected]