مغامرة في وادي الملوك (3)

TT

من أكثر المقابر غموضاً بوادى الملوك... مقبرة الملكة حتشبسوت، وتحمل رقم 20 بين مقابر الوادي، ويعتقد البعض أن صاحب هذه المقبرة في الأصل هو الملك تحتمس الأول، أبو الملكة حتشبسوت، ولكن التابوت الذي عثر عليه داخل المقبرة يخص الملكة وعليه أسماؤها وألقابها وهو موجود حالياً بالمتحف المصري بالقاهرة، إضافة إلى تابوت آخر للملك تحتمس الأول، معروض حالياً بمتحف الفنون الجميلة ببوسطن؛ وأعتقد أن المقبرة رقم 20 قد نقرت فى صخر الوادي للملكة حتشبسوت وبواسطة المهندس الملكي العبقرى سننموت، الذي كان بينه وبين الملكة قصة حب وإخلاص لا مثيل لها، جعلته يشيد لمليكته أروع أثر صنع لملكة في التاريخ، وهو معبد حتشبسوت بالدير البحري، وقد كرمته الملكة أعظم تكريم، حيث سمحت له بحفر مقبرة لنفسه داخل حرم معبدها حتى يظل بجوارها إلى الأبد، لعل ذلك كان السبب فيما انتشر من قصص وحكايات عن عشقهما لبعض بعد وفاتهما بمئات السنين.

ويصل طول المقبرة رقم 20 إلى حوالي 219 مترا، وقد اكتشفها هيوارد كارتر، مكتشف مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون، ويذكر لنا كارتر في يوميات حفائره ما عاناه من رائحة الوطاويط التي كانت موجودة داخل الممر وصعوبة التنفس داخل المقبرة، بل وأهوال المشي والنزول إلى عمقها. ولم يحاول الأثريون دخول هذه المقبرة، نظراً لما تحدث عنه كارتر في يومياته، حتى أن أحد علماء الآثار الأجانب رجع بعد أن دخل لمسافة ثلاثة أمتار فقط داخل المقبرة. وعندما عزمت على الدخول إلى هذه المقبرة استعنت بحبل مربوط في البوابة الحديدية التي تغلق مدخل المقبرة.. وكان الدخول إلى مقبرة الملكة الجميلة حتشبسوت من أكثر المغامرات إثارة فى حياتي كأثري، ولم أصدق نفسي عندما وصلت إلى نهاية المقبرة والغبار منتشر من حولي، والظلام يلف المكان سوى ما يقع عليه ضوء الكشاف الذي كان في يدي. يبدو أنني اعتقدت بأن دخول هذه المقبرة أصبح أمراً يسيراً؛ لذلك فقد حاولت الدخول مرة ثانية وقلت لزملائي بأنني لن استعمل الحبل هذه المرة، وبينما أنا أنزل الممر الهابط داخل مقبرة الملكة فإذا بي أنزلق لعدة أمتار وأنا مستلقى على ظهري في مشهد لو عرض على أحد لاعتقد أنه من أفلام أنديانا جونز، التي يقوم ببطولتها هاريسون فورد.

إن المقبرة على الرغم من خلوها من النقوش إلا أنها تمثل أحد أسرار وادي الملوك، التي لم يكشف عنها تماماً، فعلى الرغم من أننا استطعنا تحديد والكشف عن مومياء الملكة حتشبسوت، التي قام كهنة الأسرة 21 بنقلها من مكانها الأصلي إلى مقبرة فرعية خوفاً عليها من السرقة التي كانت قد انتشرت في ذلك الوقت، وتعرضت مومياوات الفراعنة ومقابرها لغزو لصوص المقابر، فما زلنا لا نعرف على وجه اليقين لماذا لم يكتمل العمل بمقبرة الملكة، أو هل كانت المقبرة منقوشة وأُزيلت نقوشها بالكامل لسبب ما؟ وذلك على الرغم من شبه اكتمال معبدها الفخم بالدير البحري...

www.guardians.net/hawass