في إطار مشاعر كره الذات، التي غرق بها الفلسطينيون مما سبق أن اشرت اليه في مقالتي السابقة واشار اليها الدكتور كناعنة في بحثه عن النكتة الفلسطينية، امعن الفلسطينيون في صب سخريتهم على الخلايلة. فكما اعتاد العراقيون على السخرية من الكرد والمصريون على السخرية من الصعايدة والسعوديون على السخرية من الحواوطة والسوريون على الحمامصة، اعتاد الفلسطينيون تراثيا على السخرية من سذاجة وغباء سكان الخليل. وهكذا قالوا انه كان بإمكان غولدشتاين ( صاحب مجزرة الخليل ) ان يقتل اكثر من 29 خليليا لو انه لم يصوب بندقيته على رؤوسهم فقط. ولدى سقوط المدينة بيد الاسرائيليين في حرب يونيو 1967 اعلنت القيادة الاسرائيلية منع التجول فيها. ما ان سمع السكان بذلك حتى خرجوا بأطفالهم ليتفرجوا على منع التجول!
وفي حكاية اخرى، قيل ان خلايليا ونابلسيا ومقدسيا اشتركوا في مقاولة لبناء جسر للسلطة الفلسطينية، على ان يجهز الخلايلي الحديد والنابلسي الاسمنت والمقدسي الحجر. ما ان تم بناء الجسر وسارت عليه اول سيارة حتى انهار فورا وانهدم. ضرب النابلسي يدا بيد وقال يا خسارة ضاعت علي كل كميات الاسمنت وقال المقدسي وانا ضاعت علي كل ما جهزته من احجار. بيد ان الخليلي ابتسم راضيا وقال: «الحمد لله. انا ما خسرت شي من الحديد. حافظت عليه وما حطيت منه شي في الجسر!».
مواقع الانترنت الفلسطينية مليئة بالنكات والتقليعات عن غباء الخلايلة وسذاجاتهم وقلة عقلهم. بيد انها جميعا ـ وكما نتوقع من مثل هذه النكات العنصرية ـ عارية عن الموضوعية كليا. فأبناء الخليل راحوا يتولون سائر الاعمال في شتى الميادين وبكل نجاح. ولعل هذا سبب هجائهم وغيرة الآخرين منهم. تضايق شخص من مواجهة ابناء الخليل اينما ذهب وفي اي عمل كان. قرر ترك فلسطين هروبا منهم. هاجر الى الخليج ، ولكنه حيثما انتقل هناك رأى خليليا امامه. ترك الخليج وقصد اوربا واذا به يجدهم هناك ايضا. في آخر المطاف قرر النزوح الى الصين. قال، هذا مكان لن يفكر به احد من الخليل او يذهب اليه. وصل مطار شنغهاي واخذ التكسي الى احد الفنادق، وفي الطريق خطر له ان يسأل السائق عن اسمه فأجابه قائلا، انا شونغ مونغ ابو سنينة!
هذه السخرية من اهل الخليل لم تكن قاصرة عليهم وانما تعرضت لمثلها فئات اخرى من الشعب الفلسطيني، وهي في عمومها إن دلت على شيء فعلى مدى تمزق هذا المجتمع ويأسه من احواله وقدراته وقياداته وانتشار روح الاكتئاب والانفصام الجماعي بين الشعب.
www.kishtainiat.blogspot.com