انتخاب مرشح أسود البشرة

TT

أشعر بالتعجب، لماذا إذا كان لدينا رجل أسود يرشح نفسه في أحد المناصب العليا، فلنقل مثلا باراك أوباما أو هيرالد فورد، يشعر معارضوه بالاضطرار إلى إذاعة إعلانات سياسية تظهر فيها نساء شقراوات مثيرات ليس لهن علاقة بالمرشحين ذوي البشرة السوداء.

لن أقبل أية أحاديث تقال عن سمو مبادئ جون ماكين. وأذكركم بما كان في شهر مارس (آذار) الماضي عندما وصف ماكين نفسه، في أول إعلاناته السياسية في الحملة الانتخابية العامة، بـ«الرئيس الأميركي الذي ينتظره الأميركيون».

لا أجد أية براعة في محاولة وضع أوباما وكأنه «الآخر»، المرشح الذي ربما يكون أميركيا، ولكنه مازال أجنبيا بشكل أو بآخر وليس وطنيا بما فيه الكفاية وبالتأكيد ليس واحدا منا. «منا» تعني الأميركيين ذوي اللون الأحمر والأبيض والأزرق الحقيقيين الموجه إليهم هذا الإعلان.

ومنذ ذلك الحين، قام ماكين بدوره، فأخذ يشوه صورة أوباما بكل الطرق الممكنة. وفي يوم الأربعاء، نشرت جريدة «واشنطن بوست» مقالة استثنائية في صفحتها الأولى بدأت كالتالي: «منذ أربعة أيام، اتهم السناتور جون ماكين وحلفاؤه السناتور باراك أوباما بإهانة الجنود الجرحى بعد أن ألغى الزيارة التي كانت مقررة إلى مستشفى عسكري لأنه لم يستطع أن يصطحب معه الصحافيـــين، على الرغم من عدم وجود دليل على صحة هذا الاتهام».

دليل؟ لا يحتاج ماكين إلى دليل. تدور حملة ماكين حول تحطيم المعارضين، على طريقة كارل روف. فلم يكتف بالتشكيك في وطنية منافسه، بل وأضاف إلى ذلك ما يصل إلى حد الاتهام بالخيانة، عندما أصر على أن أوباما سيفضل بالفعل أن تخسر الولايات المتحدة حربا إذا كان هذا يعني أن أوباما لن يخسر الانتخابات.

والآن، تذيع حملة ماكين، سيئة الطالع التي يتزايد فيها الشعور بالحقد، إعلانا لكل من بريتني سبيرز وباريس هيلتون. تظهر كلتا المرأتين المثيرتين (وهما تشتهران بسمعة سيئة في الظهور بشكل غير لائق أمام المصورين الصحافيين) في لقطات سريعة غير مناسبة في بداية إعلان ينتقد أوباما. لقد استهدفت اللجنة الوطنية في الحزب الجمهوري هارولد فورد من قبل بإذاعة إعلان مماثل مثير للاشمئزاز عام 2006، عندما ترشح فورد، الذي كان عضوا في الكونغرس وقتها، في سباق قوي من أجل مقعد مجلس الشيوخ عن ولاية تينيسي. وقد ظهرت في هذا الإعلان، الذي وصفته اللجنة بالمحاكاة الساخرة، امرأة تهمس: «هارولد، اتصل بي».

هذان الإعلانان بذيئان وخطيران، وقد جاءا نتيجة لأقصى ما وصل إليه الحزب الجمهوري. (يا لها من مفاجأة). صمم هذان الإعلانان لاستغلال الكراهية والقلق والاستياء الذي يشعر به الكثير من الأميركيين الذين ما زالوا يرفضون فكرة أن يتفوق رجل أسود البشرة عليهم في المركز وأن يصبح على علاقة بامرأة بيضاء البشرة.

لا يخضع عنصر الوهم العنصري للسيطرة في هذه الحملة الانتخابية. فقد أثار ما ظهر على غلاف «ذا نيويوركر» أيضا مثل هذه المشاعر، حيث ظهر أوباما في زي إسلامي والعلم الأميركي يحترق خلفه في المدفأة. إنها الفكرة السائدة بأن أوباما متجرئ ومتغطرس ومتكبر بخلاف ما يستحق، وأنه لا يعرف مكانته بوضوح.

ينبغي على أوباما أن يتحمل هذه الإساءات البشعة بابتسامة ورباطة جأش بطولية. والسبب في هذا، السبب الوحيد، هو أنه أسود البشرة. لذا تحدث بهدوء هذا الأسبوع، مع القليل من الدعابة، أمام حشد جميعه تقريبا من أصحاب البشرة البيضاء في ميسوري. كان هدفه أن يؤكد أمام مستمعيه وأن يدعهم يعرفون أنه ليس شخصا بشعا غير وطني.

وأخبرهم أوباما: «ما سيحاولون فعله هو أن يجعلوكم تخافونني. هل تعرفون، إنه ليس وطنيا. إن اسمه غريب. هل تعرفون، إنه لا يبدو مثل جميع الرؤساء الذين ظهرت صورتهم على عملة الدولار. إن انتخابه محفوف بالمخاطر».

بدا أن الجمهور شعر بالإعجاب تجاه تعليقاته. ولقي أوباما قبولا لديه. ولكن ماكين لم تعجبه هذه التعليقات. إنها ورقة العنصرية! ورقة العنصرية! بدأ معسكر ماكين يصيح بهذا، واتهم كل من القائمين على الحملة والمرشح ذاته أوباما بأنه يستغل ورقة التمييز العنصري في الحملة، كما يقولون، من بين أوراق اللعب.

أيا كان ما تظنه عن أوباما، فإنه لا يريد أن تكون قضية العنصرية في مقدمة أو محور هذه الحملة. فكل يوم يمر تكون فيه هذه القضية محور الحملة يعتبر يوما جيدا لصالح ماكين. لذا أظن أننا نتفهم دوافع ماكين.

ولكن، من المحبط أن نرى ماكين يتحدى أوباما في قضية العنصرية. وقد تحدث أوباما بصراحة ومراعاة للآخرين حول العنصرية أكثر من أي سياسي على مدى أعوام عديدة. إن ماكين زعيم للحزب الذي استغل العنصرية استغلالا سيئا من أجل الحصول على مكاسب سياسية على مدار عقود. ومن الواضح أن لديه رغبة شديدة في اتباع هذا التقليد المثير للاشمئزاز.

* خدمة «نيويورك تايمز»