صاحب العبارة: شباب الفايس بوك

TT

في مصر هناك 162 ألف مدوّن غالبيتهم من الشباب..

تبلغ نسبة المدونين المصريين من المدونين العرب 30%..

إنها بعض من معطيات وأرقام رسمية أعلنها «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار» التابع لمجلس الوزراء المصري أعلنها قبل أسابيع.

التقرير المسهب الصادر عن هذا المركز على قدر أهميته لكنه يثير تساؤلات ليست عابرة.

فالجهد المبذول في استقصاء أعداد وأحوال المدونين المصريين على شبكة الانترنت يظهر تزايد تأثير هذه الشريحة على الحراك السياسي الإعلامي في مصر بل وفي العالم. لكن وعلى الرغم من أهمية هذا الأمر الا إن الدراسة المذكورة ليست خلاصة جهد معلوماتي فقط، بل لامست في طياتها أحياناً وظائف رقابية إذ استخدمت معطياتها على نحو يدعو وإن بشكل غير مباشر إلى ضبط الظاهرة.

اللافت كان اسباغ التقرير الكثير من الآراء النقدية المرتبطة بظاهرة المدونين المصريين التي أقرت شرائح واسعة من الناشطين والمثقفين والسياسيين المستقلين والمدافعين عن حرية التعبير على أنها من أكثر الظواهر صحية وحيوية في العالم العربي، نظراً للمساحة الواسعة من الرأي والسجال السياسي التي أوجدتها، عدا عن كشف الكثير من الحقائق والوثائق التي تعرض انتهاكات كبرى تعرض مسجونون ومواطنون مصريون لها.

ربما هذا بالضبط مصدر الخوف الذي دفع إلى إصدار دراسة يُخشى أن تكون أداة لتفعيل الرقابة لا إلى تطوير مساحات التعبير الحرّ التي تتيحها المدونات الالكترونية المصرية. هذا الأمر تظهره بعض الجمل الواردة في التقرير ومنها: «إن عدم وجود رقابة على المدونات وعدم وجود وسيط بين المدونين والجمهور يطرح تحفظات سياسية وأخلاقية حول مضمونها».

لا شك أن أية وسيلة اتصال تحمل في طياتها احتمال سوء الاستخدام..

إنه أمر تفرضه الحداثة وتقنياتها.

لكن المعطيات الواردة في الدراسة التي نناقشها وإذا ما ربطت بالملاحقات المتكررة التي يتعرض لها مثلاً نشطاء موقع «الفايس بوك» المصريون والذين أوقف منهم 14 شخصاً قبل أسابيع قليلة بسبب ترداد أغان وطنية وأصرت النيابة العامة المصرية على المطالبة باستمرار حبسهم رغم قرار محكمة الاستئناف بالإفراج عنهم هو أمر يثير الكثير من التساؤلات والمخاوف.

فحجم الملاحقات والمضايقات والأحكام القضائية التي طالت أعداداً من المدونين وناشطي الانترنت المصريين بات ظاهرة تثير الكثير من التوجس والقلق خصوصاً مع تحولها إلى هاجس لدى الأجهزة الأمنية..

المفارقة الكبرى التي ينبغي التوقف عندها هي أنه وفيما كانت النيابة العامة المصرية تطعن بقرار الإفراج عن الناشطين المصريين الأربعة عشر وفي اليوم نفسه كان يصدر حكم البراءة فيما يعرف بقضية عبارة الموت «السلام 98» التي راح ضحيتها أكثر من ألف وثلاثمائة مصري ماتوا غرقاً نتيجة التقصير والإهمال قبل نحو عامين.

نال مالك العبارة البراءة فيما بقي شباب «الفايس بوك» في السجن..

إنها واحدة من تلك المفارقات التي تحدث في بلادنا لكننا أعجز من أن نتوقف عندها سوى لبضع لحظات..

diana@ asharqalawsat.com