عندما تبتسم اللبؤة

TT

أقام لنا أحد المحامين وليمة في منزله نتيجة لانتهائه من قضية توكل فيها عن أحد طرفيها.

وملخّصها أن زوجين مضى على زواجهما أكثر من 40 سنة، كان الزوج أثناءها ـ على حدّ قوله ـ يعطي زوجته بانتظام مصروف البيت لتصرف عليه وتتدبر شؤونه.

وفي السنة الأخيرة وبعد أن تقاعد الزوج، وأصبح لا شغلة ولا مشغلة عنده، تفرغ لمناكفة زوجته في كل كبيرة وصغيرة، ودبّ الخلاف بينهما خصوصاً بعد أن عرف أنها اشترت خلال هذه المدة عمارة مكونة من ثماني شقق تؤجرها منذ أربعة أعوام.

وقبل أن يطلقها رفع عليها دعوى يطالب بملكية العمارة التي يعتبر أنها قد اُشتريت من حرّ ماله.

ويمضي المحامي قائلا: إنني فنّدت ورددت على تلك الادّعاءات بأن ذلك المال الذي كان يعطيه لموكلتي إنما لكي تصرف منه على الأكل والشرب والتنظيف وكل ما يخص شؤون المنزل من صيانة ودفع فواتير الكهرباء والماء والتليفون، ولم يشتك أحد أو يتذمّر، وما ادّخرته هي طوال تلك الأعوام إنما تم بمهارتها وتدبيرها، ويجب أن تملكه هي وحدها.

ولكن للأسف، ففي النهاية حكم القاضي لصالح الزوج، وأصبحت العمارة من نصيبه، وتخالصنا على ذلك مخالصة نهائية، وسألته: أمن أجل خيبتك وفشيلتك هذه تقيم لنا وليمة؟!

ضحك وكأنه يتهمني بالسذاجة وقال: (يا حليلك)، فموكلتي بالمبالغ التي اقتطعتها وادخرتها طوال تلك الأعوام ضاربت بها في سوق الأسهم، وما تلك العمارة إلاّ جزء من كل، فالخافي أعظم.

ولقد أخذت ولله الحمد أتعابي (على داير مليم).. هل عرفت الآن لماذا أنا سددت لك حنكك بهذه الوليمة؟!

سكت، وأنا أدعو بيني وبين نفسي: اللهم لا تكِلني على محام ولا تكِله عليّ يا أرحم الراحمين.

وهذه كلمة أخيرة على الهامش لكي تعرفوا أن المرأة، فوق ما هي ماهرة بحُسن التدبير، هي أيضاً ماهرة في حُسن الكلام والإجابة، وهذا ما سمعته من ابنة مراهقة تسأل أمها عن أفضل الطرق للاقتران بزوج طيب.

فقالت لها الأم (المدردحة): يحسن بك (يا بعد روحي) أن توجهي هذا السؤال لوالدك (الكبّة)، فقد كان موفقاً في زواجه أكثر مني.

***

بما أن خوفي مؤكد وثقتي مهزوزة بكل ما يمت للعنصر الأنثوي بصلة، فقد عزّ عليّ أحد المعارف عندما شاهدته يتحدث بكل عفوية مع إحداهن، فقدمت له النصيحة أن يبتعد ولا يتمادى.. فقال لي لكي يطمئني على شفافيتها وحُسن طويتها: هل بالله عليك شاهدت البسمة التي ترتسم على شفتيها؟! قلت له: نعم شاهدتها فلست أنا بأعمى. قال: إنني أحلف لك أنها لا تخفي خلف تلك الابتسامة غير أسنانها، ليس وراءها أي خبث، إنها بنت ملائكية. قلت له مع (التحوير):

إذا رأيت نيوب اللبؤة بارزة

فلا تحسبنّ أن اللبؤة تبتسم