«غوغل» و«كوول».. أين نحن منهما؟

TT

تشهد حالياً محركات البحث على الانترنت، وبخاصة في الدول المتقدمة نمواً وتطوراً هائلاً وتنافساً تجارياً متزايداً وشراكات هائلة، خصوصاً في مجال السيطرة على الإعلانات والتسويق على الإنترنت، حيث يقوم الخبراء الآن بتصميم مواقع انترنت للحصول على ترتيب أعلى في محركات البحث، لجلب الزائرين الى مواقعهم وتحقيق أرباح هائلة، ففي شهر يونيو (حزيران) الماضي ووفقاً لموقع www.comscore.com بلغت نسبة «غوغل» من طلبات البحث على الإنترنت في الولايات المتحدة 61.5 في المائة، بينما حصلت «ياهو» على 20.9 في المائة، وحصلت «مايكروسوفت» على 9.2 في المائة، بالإضافة الى سيطرة «غوغل» على سوق الإعلانات على شبكة الإنترنت حول العالم، بشرائها شركة تقنية إدارة الإعلانات «دبل كليك» مقابل 3.1 مليار دولار.

أخيراً أطلق محرك البحث الجديد Cuil وتنطق «كوول» Cool، وهي كلمة آيرلندية قديمة تعني «المعرفة»، وقد صممه عدد من كبار المهندسين البارزين السابقين لدى شركة محركات البحث الشهيرة «غوغل»، وتحتوي قائمة مواقع «كوول» على ما يزيد عن 121 موقعا الكترونيا أو مليار صفحة رقمية. ويقول المحللون بهذا يكون «كوول» أكبر محرك بحث على شبكة الإنترنت. وبعيداً عن المواصفات المتميزة والخدمات المتعددة والمتزايدة لمحركي البحث «غوغل» و«كوول»، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو أين نحن من هذا التطور والسباق والتنافس العالمي المحموم في إنشاء محركات البحث، وبخاصة أن المعلومات والمعرفة في هذا العصر الرقمي قد أصبحت ثروة وسلطة في نفس الوقت.

هناك في عالمنا العربي جهود متنامية في إنشاء محركات بحث عربية، لكنها للأسف لا ترقى الى مواصفات معايير محركات البحث العالمية، وبالتالي ليس لديها القدرة على المنافسة عالمياً. لقد أصبح هناك ضرورة الآن للشروع في إعداد محركات بحث عربية جادة تبرز قدراتنا وإمكاناتنا، وتقدم للعالم عقولاً عربية مبدعة ومبتكرة، ومن ثم تساهم في وضع عالمنا عالمياً على خريطة تقنيات المعلومات، ولن يتم هذا إلا بشراكة مجتمعية جادة من كافة مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، مع أهمية منح حوافز وجوائز تشجيعية مناسبة للابتكارات والاختراعات المتميزة في مجال محركات البحث، ربما نقدم للعالم يوماً ما محرك بحث عربيا متميزا يكون قادرا على المنافسة عالمياً، مع ضرورة تعليم وتشجيع طلابنا في المدارس والجامعات لخوض تجربة تصميم محركات البحث، ربما يتمكن طالب عربي يوما ما من إنشاء محرك بحث عربي قادر على المنافسة العالمية، وخاصة أن محرك «غوغل» الشهير الذي أنشئ عام 1998 أنشأه حينذاك طالبا دكتوراه بجامعة ستانفورد الأمريكية. كما أن كلمة «غوغل» التي هي تحريف لكلمة Googol، قد اخترعها عام 1938 ملتون سيروتا (1929-1980) البالغ من العمر حينذاك 9 سنوات، وهو ابن أخت عالم الرياضيات الأميركي إدوارد كاسنر (1878-1955)، للدلالة على رقم واحد متبوعاً بمائة صفر. وذكر ذلك «كاسنر» في كتابه بالاشتراك مع جيمس نيومان عام 1940، بعنوان «الرياضيات والخيال»، وذلك في إشارة الى الكم الهائل من المعلومات التي يقدمها الموقع لمستخدميه.

ومن المهم هنا أن نشيد بالخطوة السعودية المتميزة المتمثلة في المشروع الطموح المسمى «وادي الرياض للتقنية» والهادف الى إنشاء حاضنة للتقنية وبرنامج لرواد الأعمال واستقطاب رؤوس الأموال، بالإضافة الى خطوة مهمة، وهي «تسويق» براءات الاختراع بأسلوب مهني تجاري، حيث سيساعد هذا المشروع خريجي الجامعات على ترجمة أفكارهم ومشاريع تخرجهم الى استثمارات ذات مردود اقتصادي، وإيجاد البيئة المناسبة لتطوير مناهج الجامعات لتتماشى مع احتياجات الاقتصاد القائم على المعرفة.

وأخيراً.. هناك حاجة الآن لتوحيد الجهود العربية لتصميم محرك بحث عربي بمواصفات عالمية، يكون لديه القدرة على منافسة محركات البحث العالمية والمشاركة في «كعكة» محركات البحث التي تمثل ثروة وسلطة في الوقت الحالي.