جولو «هباب»!

TT

ليس معروفا عن الإيرانيين حبهم للنكتة، ولا أنهم من أصحاب الدم الخفيف أو خفة الظل بل على العكس تماما، ولذلك كان لا يمكن قراءة تصريحات مساعد وزير الخارجية الإيراني الأخيرة، والتي يشكك بها في «شرعية الأنظمة الحاكمة في دول الخليج العربية»، على أنها تصريحات قيلت من باب النكتة والطرفة والدعابة. فهذه النوعية من التصريحات لا يمكن تفسيرها سوى أنها تصريحات شديدة العدائية وتحمل نوايا أقل ما يقال عنها إنها خبيثة.

وقبل الاسترسال، ألفت نظر المسؤولين في إيران، الذين يصرون على تسمية الخليج بالفارسي، وآخرون يصرون على تسميته بالعربي؛ ما رأيكم أن يطلق عليه الخليج الهندي؟ منتجات الهند وعمالتها أهم وأبلغ وأوقع أثراً اليوم من تراث قديم يتغنى به البعض على خيبته الثقيلة اليوم! لا أعلم أي «شرعية» تتحدث عنها إيران؟ هل هي شرعية حكم؟ أم شرعية نظام؟ فاليوم إيران قامت بانقلاب على نظام كان قائما واستبداله بنظام استبدادي يمارس السلطة بقمعية ملائمة، غطاؤها الدين ومشايخه، فهل هذه إرادة الشعب في إيران؟ هل يستطيع الشعب الإيراني أن «يصوت» على قبوله بفكرة ولاية الفقيه! أم أن هذه المسألة تحولت إلى قدس الأقداس ولا يمكن حتى مناقشتها، وذلك بالرغم من الاعتراض الواضح والشديد من جهابذة الفقه الجعفري الشيعي لذلك من أمثال منتظري والسيستاني على سبيل المثال، واعتبار تلك المسألة «بدعة».

الثورة الإيرانية بعد وصولها للحكم تسببت في هدر دماء الآلاف من أبنائها، وكذلك تهجير الملايين في كافة أصقاع الأرض، وتدمير قيمة العملة المحلية ورفع معدلات البطالة، وسحق المزايا التنافسية للتعليم والتجارة والصناعة فيها.

«الإنجازات» الهائلة للثورة الإيرانية لا يمكن أن تقاس فقط بحجم المشاركين في مظاهرات صلوات الجمعة في مشهد وطهران أو عدد المشاة في الاستعراضات العسكرية والصواريخ والألعاب النارية المصاحبة لها التي تطلق في البحر والسماء، ولكن يجب أن تقاس أيضا بمعدل الرضا عن العيش بكرامة، وهذا مؤشر لعمري بائس في إيران اليوم.

التصريح الذي صدر من إيران لم يصدر من بائع سجاد في قم أو صاحب مطعم كباب بأصفهان أو حرفي فضة في شيراز، ولكنه صدر من موظف تنفيذي كبير في الخارجية الإيرانية، وإن كان هذا غير مستغرب، فأخيراً اعتادت السياسة الإيرانية أن تكون من يمد يداً للسلام ولكمة إلى الوجه باليد الأخرى.

وما يحدث مع مصر خير دليل، ففي يوم أطلقت فيلم «موت فرعون» عن اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات، وبعدها تطلب من الأزهر أن يفتح فرعا هناك! واليوم راقبوا الخطوة الإيرانية التالية بعد هذا التصريح الساقط.. اعتقد أن إيران ستدعو دول الخليج لإقامة متحف ومركز دراسات عن اللؤلؤ في الخليج.. الفارسي!

[email protected]