الحكومة التركية تفرض النقاب حقيقة لا خيالا!

TT

أنا أعني ما أقول وليس في عنوان المقال لا تورية ولا كناية، فالحكومة التركية التي عاصمتها اسطمبول لاحظت تساهل بعض النساء التركيات في موضوع الزي المخالف للشرع، فصدرت التعليمات من القيادة التركية العليا إلى الحكومة بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة، إلى الآن والخبر معقول بالنظر إلى التوجهات الإسلامية لهذه الحكومة، اللافت والمثير في الخبر أن الحكومة التركية شددت في قرارها ليس على ارتداء الحجاب بصورته المنتشرة في طول العالم الإسلامي وعرضه، وإنما دعت إلى ضرورة عودة النساء إلى ارتداء الحجاب الشرعي الكامل بالنقاب إذا خرجن الى الشوارع، يقول الخبر الموثوق في صحته 100% بأنه قد اجتمع مجلس الوزراء التركي وعمم هذه التعليمات.

أم الإثارات في هذا الخبر، أن مجلس الوزراء التركي لم يكتف بفرض النقاب بل طلب من النساء التركيات عدم لبس النقاب الشفاف ووجوب لبس النقاب الشرعي، الذي لا يوضح ملامح الوجه، الحكومة التركية فوضت الصلاحية الكاملة للشرطة التركية بعد مضي شهر كامل على البيان بضرورة تطبيق هذه القرار بشكل حاسم، وحتى لا تذهب خيالاتكم بعيدا حول هذا الخبر الصحيح فتتخيلوا أن رئيس الوزراء أردوغان سيطبق النقاب في البداية على تانسو تشيلر أكبر زعيمة سياسية تركية لتعقد أول مؤتمر صحفي لها وهي تلبس النقاب، ثم يفرضه على أعضاء البرلمان التركي مرورا ببقية النساء التركيات، أقول بأن هذا القرار صدر من الحكومة التركية عام 1883 والذي بادر بالقرارهو السلطان عبد الحميد الثاني (المرجع: كتاب الدولة العثمانية عوامل النهضة والسقوط ص 461).

هذا أحد أسباب ردة الفعل «المتطرفة» للعلمانية في تركيا لكل ما هو يذكر بتاريخ تركيا الإسلامي، جدل عنيف لا ينقطع حول موضوع الحجاب في هذا البلد المسلم، الذي نشأت نساؤه على الفضيلة والحجاب منذ القرون الإسلامية الأولى، وتريد العلمانية النزقة بصورتها المنفرة في تركيا ان تنسلخ تركيا من آدابها وحشمتها بجرة قلم يمسك به بنان عسكري وبالبنان الآخر على زناد مسدس، طبعا الوقائع على الأرض تثبت فشل فرض الأيديولوجيات بالقوة مهما ساندتها القوة العسكرية ولنا في الشيوعية السوفيتية خير عبرة، المسألة الأخرى تتعلق بلمز النقاب على أنه عادة «وهابية» متخلفة ومحصورة ببلاد محددة في الجزيرة العربية، لكن من يسبر غور التاريخ يجد أن سنة النقاب كانت معروفة في العالم الإسلامي ولم يحتكر القول بوجوب النقاب مذهب فقهي محدد، ولا توجه عقائدي معين، فالأحناف في باكستان وأفغانستان وهم أحناف تسود عندهم هذه السنة والمجتمعات المغاربية والمصرية لا يستغرب فيها النقاب، بل ولا حتى في الدول الإسلامية السمراء، والأتراك وهم أحناف يميلون للتصوف يصدر سلطانهم عبد الحميد فرمانا بإلزام السيدات التركيات بالنقاب.

ليس القول بإلزام النساء في العالم الإسلامي بالنقاب هو ما تدعو إليه هذه المقالة، فالمذاهب الفقية مختلفة حول هذا الموضوع كما هو معروف، كل الذي نطالب به أن يفهم الناس أن النقاب سنة نبوية كريمة قال بوجوبها البعض ورأى سنيتها البعض الآخر، فلا معنى أن نسخر منها أو نضفي عليها لبوس العادات والتقاليد أو أن نحصرها في بلاد معينة أو مذهب محدد.

[email protected]