أحلاهما مر!

TT

استوقفني مساء الاثنين خبران أحلاهما مر، الأول عبر موقع «العربية نت»، والثاني عبر صحيفة «الوطن» السعودية. يشير الأول إلى أن سعوديين يحتفون بتطليق «غريب» لفتاة من قبيلتهم، وقد هللوا بقصيدة العرضة الشهيرة «نحمد الله جت على ما تمنى» لدى إعلان فسخ عقد النكاح، ويتضمن الخبر أن 25 شخصا أتوا من مختلف أنحاء السعودية لحضور قضية تفريق زوج عن زوجته، وهم في حالة اعتراض على موافقة والد الفتاة على زواج ابنته، وطالبوه بفسخ نكاحها من الزوج الذي لا ينتمي إلى قبيلتهم، وسجل العريس المغلوب على أمره ـ كما يقول الخبر ـ موقفا شجاعا برفضه الطلاق ما لم يطلب منه والدها تطليقها، لكن الأب لم يستطع أن يصمد أمام ضغوط أفراد قبيلته، وطلب من العريس تطليق ابنته، وبموافقة العريس على فسخ النكاح دوت عاصفة من التصفيق والهتاف، وبادر بعض الحضور بالسجود شكرا لله، وقد احتضن بعضهم بعضا.. ما لم يقله الخبر ـ إن صح ـ أين الزوجة من كل ما جرى حولها؟ وما موقفها من كل ذلك؟!

أما الخبر الثاني فقد نشرته صحيفة «الوطن» بعنوان: «مشاجرة جماعية احتجاجا على زواج سعودية من برماوي»، وملخص الخبر أن مشاجرة جماعية نشبت بسبب احتجاج شبان سعوديين على تزويج قريبتهم من شاب برماوي في مكة المكرمة، وقد ألقت الشرطة القبض على المتشاجرين، وتمت إحالتهم إلى هيئة الرقابة والتحقيق كجهة اختصاص!!

خبران تتمنى في دواخلك أن لا يكونا حقيقيين، فمثل هذه الأخبار تجعلك تبحث في ذاتك عن المسؤول في إبقاء مثل هذه النزعات حية قوية ضاغطة تمارس هيمنتها حتى في سلب أولياء أمور الفتيات حق تزويج بناتهم لمن ارتضوا دينه وخلقه، ولماذا فشل التعليم والتربية والإعلام والثقافة عبر عقود في غرس قيم المساواة والأخوة بين الأفراد عملا بالتوجيه القرآني الكريم: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير»، وبقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس! إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا أعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى»؟

أين نحن من كل ذلك؟!

[email protected]