لا لقوات عربية إلى فلسطين

TT

استنجد رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض داعيا الى إرسال قوة أمنية عربية تتجه صوب أراضي السلطة، لتؤدي مهمتين: الأولى مساعدة الفلسطينيين على استتباب الأمن، الذي ازداد تدهورا بسبب المواجهات مع حماس في قطاع غزة، والثاني بناء وتدريب القوات الامنية الفلسطينية.

هنا، على غير العادة، أتفق مع حماس على أن المشروع غير عملي ومحكوم عليه بالفشل، وربما يعقد النزاعات والعلاقات بين كل الأطراف.

لنفحص الفكرة كما لو أنها قابلة للتطبيق، أي ان السلطة طلبت والحكومات العربية وافقت. أولا هل ترسل الدول العربية قوات أمنية، بحكم ان هدفها ايضا تأهيل القوات الامنية الفلسطينية؟ كيف ستعمل قوات امن على أرض تعتبر ميدان حرب، وهي في بلدانها مدربة على ملاحقة الجرائم المدنية، او صد الشغب في الملاعب الرياضية، او ضبط مخالفات السير؟ او المطلوب قوات مسلحة من قطاع الجيش؟ ان كان ذلك فهذا يعني انها ستأتي مسلحة، ومدربة لغرض القتال لا حفظ الأمن المدني، وهذا يتعارض مع الهدف المعلن.

ولو افترضنا ان الدول العربية وجدت الكتيبة الأمنية ـ العسكرية، وحددت اختصاصاتها، ونقلتها الى غزة او رام الله، هنا ستواجهها مشكلة بالغة الخطورة، اسمها اسرائيل. من شبه المؤكد انها ستكون هدفا للاسرائيليين، الذين سيجدون الذريعة الكافية لقصفها. مثلا لو أطلق افراد من حماس صاروخا من موقع مجاور لمركز القوات العربية على اسرائيل حينها سنرى الطائرات الاسرائيلية تقصف الموقع الامني العربي، دونما اعتبار الى التفاصيل. ستضطر الدول العربية الى سحب قواتها مهزومة، وستصبح السلطة الفلسطينية مأزومة. ولو افترضنا ان اسرائيل تعهدت ألا تقصف مواقع القوات العربية، ضمن اتفاق مسبق، ما العمل لو قام مسلحون فلسطينيون باطلاق النار على القوات العربية نفسها، فهل يفترض ان ترد بالمثل فتقتل فلسطينيين، ام تسكت على قتل افرادها؟

الاحتمالات السيئة كثيرة، والفوائد المرجوة من الاستعانة بقوات عربية محدودة، وبالتالي ليسمح لنا رئيس الوزراء ان نقول له ألا يدخل نفسه غدا مدخلا صعبا يزيد وضعه تعقيدا.

ان الدول العربية منذ قمة الرباط في عام 74 حسمت موقفها، وسمت منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني. لا يزال هذا الموقف قائما حتى اليوم وله استحقاقات مهمة تعني عدم الاعتراف بأي فلسطيني يأتي من خارج كيان المنظمة، ولهذا قبلت حماس فقط عندما فتحت لها السلطة الباب ومنحتها شرعيتها. ولهذا السبب التاريخي، والقانوني أيضا، لا تعترف الجامعة العربية بحماس كحكومة لان السلطة الفلسطينية نزعت عنها تلك الشرعية يوم قامت بانقلابها. لكن لن يذهب الالتزام العربي درجة التورط في النزاع المسلح بين حماس والسلطة الفلسطينية، وقطعاً لن يرسل العرب قواتهم البسيطة لمواجهة الارمادا الاسرائيلية. وهناك الكثير الذي يفترض من الحكومات العربية ان تفعله بديلا، أوله وأهونه التمثيل الدبلوماسي في العاصمة المؤقتة، رام الله. ورغم رمزيته البسيطة إلا ان له قيمة سياسية كبيرة، فهو يعزز الحق والواقع الفلسطينيين. لم تسع السلطة الفلسطينية لإحراج الدول العربية، ولم تتبرع الجامعة العربية بتصميم مشروع للعلاقات بما يستوجب من ضمانات وحصانة وغيرها. حاليا السلطة الفلسطينية تعيش وحيدة معزولة عربيا، ومستهدفة بالتكسير من قبل جماعات فلسطينية تعتبر نفسها منافسة مثل حماس. إضعاف السلطة يضعف القضية الفلسطينية، وإضعاف القضية يعني المزيد من التوتر في كل المنطقة.

[email protected]