قانون الخدم والأسياد

TT

أتلقى أحيانا رسائل مكتوبة ونادراً نادراً جدا مكالمات شخصية. وفي الأعوام الأربعة الماضية لم أتلق مكالمة هاتفية تثني إلا فيما كتبته عن معاملة الخدم في الخليج، أو في لبنان. وتأتي هذه المكالمات من بعض كبار السياسيين وبعض كبار الصحافيين. طبعا في الخليج لا في لبنان.

مهمة الصحافة، أن تصدق أصدقاءها. وأن تدل المسؤولين منهم على نواقص العدل وثغرات الإنصاف، خصوصا العادلين منهم والخيرين والطيبين.

أما الصحافيون الذين يتبرعون دوماً لشتم العمال الأجانب وتوجيه الاتهام إليهم والمطالبة بحبسهم أو طردهم، فهؤلاء ليسوا أقل عنصرية إطلاقا من يمين إسرائيل وبيض جنوب أفريقيا والكلو كلوكس كلان في الجنوب الأميركي المتوحش. الفقر والحاجة والعوز ليست رخصة للاستعباد والتنكيل. وأتمنى على بعض الدول الخليجية المعروفة بطيبها وقانونها واحترامها للقوانين، أن تحاكم كل جاهل قاس فظ يحرضها على مساكين الأرض وضعفائها، بحجة أنه يدافع عن سمعة بلده وكرامة سادته.

القانون الدولي شيء و«الأسرة الدولية»، أي أميركا، شيء آخر. أن يكون الاستعمار قد ظلم ونكل واحتل، لا يشكل ذلك رخصة لنا في التنكيل والظلم. هناك منظمات عمل دولية وقوانين عمل دولية، قد لا نستطيع احترامها كلها، لكن احترام 10 في المائة منها أو 5 في المائة، إذا تعذر، لا يفقر أحدا ولا يضر أحدا.

من السذاجة الاعتقاد أن مسألة العمال والخدم في المنطقة العربية، يمكن أن تحل بالتجاهل والإخفاء والاتكال على منافقين لا ضمائر لهم ولا وجود. ليس صحيحا إطلاقا أن النحل ند الزلاقط. يجب أن ننضم إلى القانون الدولي وأن نتعلم أن العمل ببديهياته ليس عيبا. لماذا نقطع النفط عن دولة مثل سويسرا إذا دافعت عن حقوق الخدم؟ ولماذا نطالب الجامعة العربية برفض قرار محكمة دولية؟ ألا يفترض أن جميع قضايانا الكبرى موضوعة كأمانة عند القانون الدولي؟ إلى من يشكو السودان أمره غدا إذا تعرض إلى اعتداء خارجي؟ هل يمكن أن نطلب من مؤسسة تضم 22 دولة أن تعترض على قرار دولي لم نناقشه بعد؟ ربما الأفضل أن نتعرف على القانون، من المحيط إلى الخليج.