هل ستنجو روسيا بفعلتها؟

TT

في شهر أغسطس (آب) من عام 1924، قامت جورجيا التي كانت تحتلها روسيا السوفيتية منذ عام 1921 بثورة ضد الحكم السوفيتي. وفي 16 سبتمبر (أيلول) عام 1924، قدمت صحيفة التايمز اللندنية نداء من رئيس الجمهورية الجورجية إلى عصبة الأمم. وقد جاء في تقرير للصحيفة «من المؤكد أن عصبة الأمم لا تستطيع تقديم الدعم المادي وأن التأثير الأخلاقي الذي يمكن أن يكون له أثر مع الدول المتحضرة يبدو غير ذي أثر مع روسيا السوفيتية». وكذلك لم تنعم جورجيا بالاستقلال حتى عام 1991.

واليوم، فإن فلادمير بوتين وهيو جينتاوس ومحمود أحمدي نجاد ـ بالإضافة إلى نظرائهم في دول مثل السودان وزيمبابوي وبورما وكوريا الشمالية ـ ليسوا بأقل من القادة السوفيت في عام 1924. فالديكتاتوريات لا تزول بالكلام عن العدل غير المسلح، والعدوان لا يتوقف بالحديث عن الدبلوماسية التي تغيب عنها القوة.

والخبر السار هو أننا لا نواجه اليوم الخطر النازي أو خطر الاتحاد السوفيتي. فكل من هذين النظامين كان يرغب في التوسع الخارجي وكان يلتزم بفكره المتشدد. أما اليوم فإن الكثير من هذه العناصر لا يتوافر في مكان واحد. فروسيا اليوم تتسم بالعدوانية، أما الصين فإنها تتسم بالدبلوماسية، وكذلك فإن إيران تتسم بالثورية. وليس من بين هذه القوى ما يماثل خطر الأنظمة الشمولية في القرن العشرين.

ومن الأخبار السارة كذلك، أن عام 2008 كان عاما لا ينم عن تحقق الديمقراطية والحرية بشكل كبير في هذا العالم. وفي العراق، فإننا وحلفاءنا على وشك تحقيق نصر استراتيجي على الجهاديين فيما يسمونه بالجبهة الأمامية للصراع. ومن شأن هذا النصر أن يضعف ثورة الجهاديين في الشرق الأوسط.

ومن ناحية أخرى، فإن احتمال هروب سورية وحزب الله وحماس من الجريمة وكذلك حصول إيران على الأسلحة النووية من شأنه أن يقوض آمال السلام في المنطقة.

وليس هناك دليل على أن استضافة الصين للدورة الألعاب الأولمبية سوف يقود إلى تخفيف قبضتها عن الحكم الشمولي. وفي الوقت نفسه، فإن روسيا قد أرسلت قواتها ودباباتها إلى الحدود الدولية ويبدو أنها توسع من الحرب ضد جورجيا أكثر من أي وقت مضى.

فهل ستضغط الولايات المتحدة بصورة فعلية على روسيا للتوقف؟ وفي تحليل إخباري نشر يوم الأحد، أفادت مراسلة النيويورك تايمز هيلين كوبر بقولها: «على الرغم من أن الولايات المتحدة تعتبر أن جورجيا حليف قوي بين دول الاتحاد السوفيتي السابق، فإن واشنطن تحتاج إلى روسيا في علاج مشكلات كبرى مثل إيران، ولذلك فإنه لن تدافع عن جورجيا».

لكن جورجيا وهي البلد الذي يبلغ عدد سكانه 4.6 مليون نسمة لديها ثالث أكبر حضور عسكري، فعدد جنودها في العراق يبلغ 2000 جندي يقاتلون إلى جوار الجنود الأميركيين. ولهذا السبب فقط، فإننا ندين لجورجيا بالدفاع عن سيادتها. أليس علينا أن نصر على أن العلاقات الطبيعية مع روسيا سوف تكون مستحيلة طالما استمر عدوانها؟ أليس علينا تكرار التزامنا بالوحدة الجغرافية بين جورجيا وأوكرانيا وأن نقدم المساعدات العسكرية الطارئة لجورجيا؟

ومن المثير للدهشة أن روسيا كانت تساعد إيران كثيرا. فقد قاومت ثلاثة قرارات للأمم المتحدة لتشديد العقوبات على إيران، كما قدمت الدعم لإيران في برنامجها النووي، وهي الآن تبيع لها أنظمة صواريخ مقاومة للطائرات لحماية منشآتها النووية.

ومن المثير للدهشة كذلك أن الأنظمة العدوانية والديكتاتورية على اختلاف نوعياتها تبدو سعيدة بالعمل معا لإضعاف تأثير الولايات المتحدة والحلفاء الديمقراطيين. ولذلك فإن روسيا تساعد إيران. وإيران وكوريا الشمالية تساعدان سوريا. وروسيا والصين تمنعان مجلس الأمن من تشديد العقوبات على زيمبابوي. كما أن الصين تدعم نظامي بورما وكوريا الشمالية.

وبالطبع فإن الولايات المتحدة وحلفاءها لديهم أساليبهم الخاصة للتعامل مع هذه المشكلات والتهديدات. وإن يبدو أن هذه الأساليب في بعض الأحيان تبدو مترددة وغير واثقة.

وعندما اعترض العالم المتحضر على روسيا بشأن جورجيا عام 1924 كان النظام السوفيتي ما زال ضعيفا. وفي ألمانيا، كان هتلر سجينا. ولكن بعد 16 عاما، وقفت بريطانيا وحيدة ضد الحلف النازي السوفيتي. أليس يتكرر ذلك اليوم مثلما حدث في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي؟ إن التأخر في علاج مشكلات الحاضر، من شأنه أن يجلب المزيد من المخاطر والتهديدات في المستقبل.

* خدمة «نيويورك تايمز»