وهنأتها على مكانها في جهنم!

TT

أنا من المعجبين بالرئيس الروسي جورباتشوف. التقيت به في موسكو وفي حضور الرئيس مبارك قلت له على مسمع من زملائي: سيدي أنا من أشد المعجبين بك. والمعجبون بالملايين في بلادنا ومئات الملايين في العالم. ولا أعرف إن كان من اللائق أن أقول إنني معجب بالزميلة رايسا جورباتشوف. فهي أيضاً تخصصت في الفلسفة.. وهي زوجة الرئيس جورباتشوف. أما إعجابي بها فلأنني قرأت لها رأياً في الفلسفة الوجودية التي كنت أحد دعاتها والمبشرين بها في مصر. وقمت بتدريسها في قسم الفلسفة بكلية الآداب سنوات طويلة!

أما حياة السيدة رايسا ففيها الكثير من المشاركة مع زوجها صاحب نظرية «البريسترويكا» أي الإصلاح والتنوير. ولا أعرف مدى مشاركتها في هذه النظرية ولا أعرف مدى حزنها على أن زوجها الثائر على الفلسفة الشيوعية قد اتهمه الشعب الروسي بالرجعية ـ أي بتراجعه عن رأيه في الشيوعية. فقد انقلب الشعب الروسي وذهب إلى أبعد مما كان يتصوره جورباتشوف وسبقه إلى الاستقلال.. استقلال كل الجمهوريات السوفيتية بتشجيع من أمريكا والغرب.

والذي أدهشني في السيدة رايسا جورباتشوف ملاحظتها الفلسفية والمنهجية على الفلسفة الوجودية الألمانية والفرنسية، وواضح أنها ملحدة وأنها لا تدين بالمسيحية ولا باليهودية. فقد رأت أن الحرية تبدأ باختيار الموروث الثقافي والانفراد بالرأي ـ أيا كان هذا الرأي. ثم إن الإنسان حر في اختيار المذهب الذي يدينه ـ أي حتى يستحق العقاب على ذلك. والعقاب ليس إلا نوعاً من اختيار مكانه من الجحيم وأدهشني هذا التعبير: أي اختيار مكاننا في جحيم الرأي الآخر ورأيت في ذلك تكراراً لما قاله الفيلسوف الفرنسي سارتر: أن الآخرين هم الجحيم.

ومددت يدي لها مهنئاً على المكان الذي اختارته في الجحيم وسألتها إن كانت قد اختارت مكاناً قريباً من باب جهنم لكي يسهل عليها الهرب.

فضحكت وقالت: إلى جوارك في أعماق جهنم