إسرائيل ستعيد 99 في المائة !

TT

قتلت معظم الأخبار العربية عنوان خبر عرض السلام الاسرائيلي بكلمة «فقط». نقله الاعلام العربي بشكل مبتسر عن صحيفة هآرتس مستنكرة، لأن اسرائيل عرضت على السلطة الفلسطينية اعادة 93 في المائة «فقط» من الاراضي الفلسطينية المحتلة. وبسبب كلمة «فقط» هذه سالت الصحف بمقالات هجوم واستنكار ضد العرض والتفاوض، وخاف المفاوضون الفلسطينيون فتبرأوا منه، ووصموه بالخبر الكاذب، وانه مجرد بالون اختبار من جانب العدو.

و«فقط» هذه تناسب المضمون لو أن العرض المقترح كان 39 في المائة، لكن الرقم المعلن مشجع، ويستحق من الفلسطينيين والعرب دراسته، والتعاطي معه بشكل ايجابي، ويعتبر انجازا جيدا من قبل الوفد الفلسطيني المفاوض في ظروف تفاوضية صعبة. وعندما نصفه بالايجابي لا نعني القبول به نهائيا بل استمرار المساومة عليه. وحتى في المفاوضات الحدودية العربية ـ العربية قلما تجد من يتنازل للآخر بمثل هذه النسبة.

والذين هاجموه لم يكلفوا انفسهم بمعرفة محتويات «البالون». تقول الصحيفة ان رئيس الوزراء ايهود اولمرت اقترح على الجانب الفلسطيني ان تحتفظ اسرائيل بـ 7 في المائة من الضفة الغربية، هي اراضي مستوطنات محاذية، أي ستعيد للفلسطينيين 93 في المائة.

لم ينته العرض هنا بل ستعوض اسرائيل الفلسطينيين بخمسة ونصف في المائة من «أراضيها». أي صار للدولة الفلسطينية 98 ونصف في المائة. كما ستعطي الفلسطينيين ممرا أرضيا يربط بين غزة والضفة، طريق بلا حواجز، على ان يبقى ملكا لاسرائيل. عمليا اسرائيل اعادت نحو مائة في المائة.

تقريبا يماثل او افضل مما عرضه ايهود باراك في عام 2000 وهو العرض الذي لام الجميع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لانه رفضه، وقال عنه الشيح احمد ياسين، زعيم حركة حماس الراحل، لو انه وضع على الطاولة سيقبل به، ثم عاد عرفات رحمه الله وطلب اعادته الا ان اسرائيل رفضت ذلك.

وبكل اسف رافقت المفاوضات حملة ضد عرفات حتى رفضه، ثم تندم لاحقا، وزعم خصومه ان العرض 37 في المائة فقط، حتى كشفت الحقيقة.

نحن اليوم امام عرض لا اريد ان اقول انه رائع، لكنه يمثل بداية جيدة، فقد اقترحت اسرائيل اخلاء كل الاراضي المحتلة من المستوطنين الاسرائيليين على مرحلتين، الاولى طوعية والثانية اجبارية. انما بقية الاتفاق ليست مغرية، مثل اعادة عشرين الف لاجئ فلسطيني فقط الى دولة اسرائيل حاليا. ولا نعلم بعد كم سيعود من اللاجئين الى الدولة الفلسطينية، ولا تفاصيل القدس.

من السهولة رفض اي نتيجة اذا وجد البديل، لكنه لا يوجد بديل عسكري او سلمي. ومن السهولة ان يرفض معظمنا 93 في المائة باسم السبعة في المائة من الارض المحتلة، لكن تذكروا أن معظم الرافضين يتفرجون على مأساة الفلسطينيين وهم جالسون في بيوت مكيفة. يجب ان تعطى الكلمة الاخيرة للفلسطينيين في استفتاء عام، وليس للرئيس الفلسطيني او حماس او الجهاد او العرب او الايرانيين.

[email protected]