وصفة لصراع الشوارع!

TT

يروى عن الأديب الأمريكي مارك توين قوله:

ـ «إذا شاء محب للشجار أن يحاربك، فاخلع سترتك في بطء وتعمد، وانظر في عينيه مباشرة ثم اخلع صدريتك أيضا في بطء وتعمد، ثم شمر عن ساعدك وواصل النظر إلى عينيه، فإذا لم يكن خصمك قد فارق وجهك حتى ذلك الوقت، فخير لك أنت أن تفارق وجهه».

منذ أن قرأت هذه العبارة قبل سنوات بعيدة، وأنا أحاول الاستفادة من وصفة مارك توين، ففي الفترة التي تكون قد خلعت فيها «شماغك» و«طاقيتك» و«عقالك»، وأسفرت عن صلعتك جهارا نهارا، يكون خصمك قد استعاذ بالله من الشيطان وغادر المكان.

وقد حاولت أن أعمم هذه الوصفة بنشرها بين الأصدقاء والجيران والأحباب، ومن هؤلاء صديق لي عريض المنكبين، «كلبوظ» الذراعين، مكتنز الساقين، وكل ما يمتلك منه اثنين، على اعتبار أن مثل هذا المنظر لا بد وأن يرعب الخصم، وقد نجحت الوصفة مع صاحبنا، أو كما يقولون «مشيت معاه حلاوة»، ولكنه تمادى في استخدامها حتى الليلة التي ابتلى فيها بأظلم، فلم يمهله خصمه لتطبيق نظرية (مارك توين)، وانهال عليه ضربا وركلا حتى انهار صديقي عريض المنكبين بالضربة القاضية، ولم يفق إلا في قسم الطوارئ، وتعليقات الناس تتناثر حوله:

ـ «تيك إت إيزي يا عزيزي».

ـ «يا بخت من عفا وسامح».

ـ «بات مغلوب ولا تبات غالب».

ـ «تعيش وتأكل غيرها».

واستجاب لرجاءاتهم وتنازل عن خصمه، ولكنه خرج مباشرة بعد ذلك من المستشفى إلى أول مركز تدريب لرياضات الدفاع عن النفس، مسجلا دفعة واحدة في «الجودو» و«الكاراتيه»، وحتى «الكونغ فو»، ولم ينس أن يبعث لي برسالة هاتفية تقول:

ـ «خلَك مع صاحبك مارك توين، أما أنا فلقد قررت أن أتعامل مع الناس وفق نظرية تايسون، وسأقضم آذان خصومي الواحد تلو الآخر من دون رحمة»..

هكذا في زمن العنف تسقط نظريات المفكرين، وتسيطر سلوكيات الحمقى والعدوانيين.

[email protected]