الهجمة الإيرانية باتجاه الخليج

TT

قد لا يكون مصادفة ظهور عدة تصريحات عدائية من جهات رسمية إيرانية ضد الجيران الخليجيين، خاصة ان ايران حرصت طوال سنتي الأزمة مع الولايات المتحدة، على ابعاد الخليجيين عن دائرة المعارك الكلامية. ثم توج الهجوم الكلامي قيام القوات الايرانية ببناء مواقع جديدة داخل جزيرة ابوموسى الإماراتية، التي اكملت ايران احتلالها في عام 1991 بعيد حرب الكويت.

ومع ان ايران تراجعت عما قيل، واعتبرته نقلا مشوها، إلا أنه يساير المناخ الجديد الذي تميز بغزل، غير مسبوق، بين حكومة نجاد من جهة واميركا وإسرائيل من جهة أخرى. فكان إطراء الرئيس أحمدي نجاد على الخطوة الاميركية بفتح مكتب قنصلي في طهران، وتوجيهه حديثا تلفزيونيا خاصا للاميركيين يؤكد فيه حسن نواياه، وانه ضد امتلاك السلاح النووي. ثم بعد ذلك تبرع مساعد وزير الخارجية بتصريح نادر، امتدح فيه اسرائيل وافصح عن رغبة ايران في مصادقتها، وبعد ان استنكر بعض الاعلام العربي هذا الموقف، انكر الايرانيون التصريح ولكن فقط بلغة موجهة للعرب.

ولا نستطيع طبعا ان نلوم ايران إن ارادت ان تحسن علاقتها مع الغرب او اسرائيل، فمعظم الدول العربية لها علاقات جيدة بهذا القطب، انما ان توجه ايران معركتها ضد الدول الخليجية يجعلنا نقلق من الأيام المقبلة. فإذا كانت طهران تريد وقف هبوط أسعار البترول، رغم انها لا تستفيد منه كثيرا، بسبب محدودية قدراتها على الانتاج والتصدير، بل من أجل تخريب السوق الدولية، فإن ذلك لن يفلح كثيرا لأن دول الخليج تملك القدرة على رفع الانتاج لتهدئة السوق. أما ان كان الهدف فتح معركة مع دول أصغر بديلا للتورط مباشرة في مواجهة مع القوات الاميركية الهائلة في الخليج، فهذا يعني أزمة جديدة. قراءة إيران انه ليس من المتوقع ان تبادر الولايات المتحدة الى الدخول في حرب، إن نشبت اشتباكات عسكرية صغيرة في مياه الخليج، من دون تطوير النزاع الى ما وراء ذلك. هذا يبدو ما حدا الى اصدار تحذير في اجتماع العاهل السعودي الملك عبدالله والرئيس المصري مبارك المشترك، لايران، انها بافعالها الحالية تتسبب في ادخال القوى الغربية في الأزمة.

وليس صعبا فهم سلوك دول مجلس التعاون الخليجية الست، على مدى سنوات طويلة في التعامل مع المشكل الايراني. فهو مقتنع بأن ايران تستهدفه عسكريا وامنيا وسياسيا، واستعدادا له واجه الوضع من جانب بالتحصين العسكري، حيث قامت ثلاث دول ببناء قواعد، او أبرمت اتفاقات عسكرية قادرة على ردع ايران وتخويفها. ومن جانب آخر تحاشت كل الدول الدخول في جدل مع ايران او استفزازها، وابتعدت أيضا عن تبني مواقف غربية في كل الملفات.

لا أتصور ان القيادة الايرانية راغبة في الدخول في معركة كبيرة مع الخليجيين، لانها تعرف انها ستواجه بمثل ما واجهه صدام، لأنها منطقة حيوية للعالم، ولن تجد ايران الى جانبها دولة واحدة تساندها مهما كانت الاسباب. لكن التوتر الجديد خطير لأنه يدفع الخليجيين للتفكير بأن موقفهم المحايد حتى الآن، ربما هو ما جعل الايرانيين يرونهم فريسة سهلة.

[email protected]