سؤال: هل أنت حي؟!

TT

سألني فجأة: هل تعتقد أنك حي؟!

صعقت من سؤاله لدرجة أنني شككت بنفسي، ولولا بقية من قليل من عقلي، الذي اختزنه لحالات الطوارئ، أقول لولا قليل من ذلك، لقرصت نفسي لكي أتأكد أنني أتألم وأنني ما زلت على وجه هذه البسيطة (أصقل وأرمح) وأقترف الموبقات والحسنات بدون ما أدنى لأي تفكير وتخطيط للعواقب أو للمثوبات.

ولكي أقلب عليه الطاولة وألقمه حجراً، سألته: ماذا تقصد من سؤالك التافه هذا؟!، ألا تراني أمامك واقفاً بكل شموخي وكبريائي، وبيدي كذلك سبحة (أطوطح) بها؟!

قال: مشكلتك أنك لا تعرف الجد من الهزل، وتمشي مع الناس وكأنك مستقيم وأنت في الواقع أعرج، بل وكسيح.

التبس عليّ الأمر، ولاحظت أنني ورطت نفسي في معركة غير متكافئة مع شخص هو أعلم وأقوى مني بمراحل، وبدلا من أن ألقمه حجراً، سوف يلقم هو فمي ومعدتي بحمولة (ترلاّ) ممتلئة بالحجارة.

فلزمت الأدب، واعتذرت له صاغراً وقلت له: آسف، ولكن نورني الله ينور عليك.

سألني: متى تنهض من فراشك؟!

ـ عندما تصحو العصافير وهي خماص.

ـ كم ساعة في يومك تقضيها؟!

ـ أحياناً 24 ساعة، وأحياناً (ادبّلها) 48 ساعة.

ـ كم في حياتك علامة (+)، وكم فيها علامة (ـ)؟!

ـ ليس فيها أي علامة من تلك العلامات وإنما أنا متأكد أنني معجب جدا بعلامة (x).

ـ إذن أنت أناني، ومشكوك بقدرتك على مواصلة الحياة ـ هذا إذا كنت حياً.

ـ ما زلت تشك بأنني حي؟!

ـ نعم، ففي أعماقك عفريت كامن لا يعرف المحبة للناس.

ـ صحيح ولكن ذلك العفريت مميز، ويحب إنساناً مميزاً.

ـ قصدك إنسانة.

ـ طبعاً إنسانة وليست حمارة.

ـ هل تضحك من أعماق قلبك أحياناً؟!

ـ وأيضاً عندما أبكي.

ـ هل تجشمت الصعاب يوماً؟!

ـ ماذا تقصد؟!

ـ مثلا: هل تستطيع أن تتثاءب بدون أن تفتح فمك، أو تحلق ذقنك وأنت تغني وترقص (روك أند رول)، أو تلبس ثوبك وأنت مستلق وترفس في نفس الوقت بقدميك للأعلى، هل جربت أن تقرأ جريدة وتشرب سيجارة وأنت تحت (الدش)، هل انغلق عليك المصعد يوما وأنت وحيد ونائم؟!

ـ نعم جربتها كلها، وآخرها حكاية المصعد الذي ما زال مغلقاً على حياتي، وما زلت أغط في سبات عميق، وليس هناك من مهندس.

ـ إنني أرثيك الآن، رغم أنك تدعي كذباً وبهتاناً أنك حي ترزق.

ـ لم أدع وأقول إنني حي، ولكني متأكد إنني أرزق مثلما ترزق (الوطاويط).

ـ إذن لقد صدق حدسي.

ـ إذن اقرأ الفاتحة على جسدي الممتلئ بجراح اللواحظ، لكن هل تعرف أنت اللواحظ، هل استمتعت بجراحهن؟!

ـ لا.

ـ إذن أنت الميت ولست أنا.

[email protected]