مجلس حكماء

TT

كانت الزاوية الأكثر مقروئية في «التايم» الصفحة المخصصة لأخبار الدار: من سافر من المراسلين إلى أين وأي فريق أعد موضوع الغلاف وكم من الصور التقطت قبل أن يتم اختيار واحدة منها للنشر. ودرجت صحف ومجلات كثيرة حول العالم على هذا التقليد عندما لقيت مدى ارتفاع نسبة القراء على متابعته.

العقول الكبرى تتلاقى، يقول الفرنسيون. وهنا في أصيلة كان احتفالات: مرور ثلاثين عاما على المهرجان السنوي في مدينة الفنون والثقافة، ومرور ثلاثة عقود على إنشاء «الشرق الأوسط» أول جريدة عربية تطبع حول العالم، والجريدة التي تزيد طبعاتها على أي صحيفة أخرى في «العالم، كما يخيل إليّ» بما فيها «الهيرالد تربيون».

من الرياض أعلن الأمير فيصل بن سلمان دخول أول مؤسسة صحافية عربية إلى السوق المالية. صحف ومجلات تعلن مداخيلها ومصروفاتها على الملأ بالأرقام الصغيرة والأرباح الكبيرة. مؤسسة تطرح أسهمها على جميع الناس، فلا تعود شركة مساهمة محدودة، بل شركة يسعى إلى التملك فيها كل من يعتقد باستقلاليتها واستمراريتها وحسن إدارتها وأدائها.

أمس أعلن الأمير فيصل الخطوة الأولى الأخرى في عالم الصحافة، عربية ودولية، إنشاء مجلس أمناء يرقب ويحاسب أداء السياسات والخطوات العليا في المؤسسة، ولا يملك فقط صلاحية الاقتراع والدرس، بل يملك القرار والصلاحيات وله أن يستنسب التبديل والتجديد أو المكافأة التي يراها.

لم يحدث أن كان هناك «مجلس أمناء» لصحف يومية أو مجلات أسبوعية. وليس المقصود تحويل المجلس إلى هيئة رقابة وإنما إلى فريق يساهم في التطوير المستمر، الذي حول المؤسسة برمتها في السنوات الأخيرة إلى شركة تعلن أرباحا غير مسبوقة في عالم النشر والتوزيع.

عندما جاء الأمير فيصل بن سلمان من أوكسفورد حاملا الدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية كان في نيته الانصراف إلى العمل الجامعي وربما الديبلوماسي. وفجأة وجد نفسه أمام تحد أعقد وأبعد ومسؤوليات متشابكة في مؤسسة متعددة الحقول. وكان أن أضاف إلى حقولها مجالات كثيرة وإلى نجاحها أبعادا وأشواطا عدة. وفي العادة يعلن إقامة الشركات الإضافية وتوقيع العقود الجديدة وارتفاع الأرباح. لكن ها هو يختار مدينة الثقافة والفنون ليعلن أول خطوة أدبية من نوعها في الصحافة: مجلس أمناء أو مجلس أدباء أو مجلس حكماء يشكل في حد ذاته مثابة مجلس أعلى ليضمن الحد الأقصى من استقلالية المؤسسة واستمرارية التزامها القيم الأخلاقية التي هي شعارها ودأبها «لا تغرها منافسة ولا تعوزها أرقام».