العباءة النسائية وخيمة الرعب!

TT

خيمة موحشة لا تفتح أبوابها إلا بعد الغروب، لتلعب الظلمة دورها النفسي في إحداث الرعب، وعلى الزائرة أن تخلع حذاءها قبل الدخول.. في أحد أقسام الخيمة مجسم لجثة، وضعت فوق منصة على هيئة جنازة، بينما توزعت في الجوانب صور توضح آلية دفن الميت، وطريقة وضعه في القبر، ووضعت على أرضية الخيمة المظلمة ملصقات لأرجل تقود الزائرة إلى طريق الخروج، حيث تستبدل عباءتها «غير الشرعية» إجبارا بأخرى شرعية.. كل هذه الخبرة المرعبة تحدث تحت شعار «ملتقى الصيف يا أغلى ضيف»، وتندرج ضمن أنشطة المخيم الصيفي الدعوي المقام حاليا في الطائف، والغاية من كل ذلك توعية الفتيات بالعباءات الشرعية التي ينبغي ارتداؤها بدلا من أنواع أخرى من العباءات الضيقة أو المزينة بنقوش!!

لو صح هذا الحال الذي روته صحيفة «الوطن» السعودية فإن المخيم الدعوي ينبغي أن يتحمل مسؤولية ما يترتب على تطبيق هذا الأسلوب من مشكلات نفسية، يمكن أن تتعرض لها بعض الزائرات نتيجة أجواء الرعب التي تسود المكان، فللتوعية ألف وسيلة ووسيلة أنجع وأمثل، ولست أدري لماذا لا تستعين برامج التوعية بخبراء نفسيين، لهم الدراية بأساليب التأثير لمساعدتهم على اختيار وسائل أكثر أمانا، وأضمن تأثيرا بدلا من خيمة الرعب هذه، التي لست أدري كم عدد ضحاياها، وكيف يمكن مساعدتهن على التخلص من تأثير تلك الخبرة المفجعة، فالتوعية بالترهيب ينبغي أن تخضع للكثير من الضوابط، لكيلا تأتي بآثار عكسية غير مرغوبة ولا مقصودة، كما حدث لبعض زائرات تلك الخيمة.

أعرف أن المخيم الدعوي يضم أنشطة كثيرة كالمحاضرات الدينية والثقافية والصحية والمسابقات المتنوعة والدورات القصيرة الهادفة في إدارة الوقت والحياة الزوجية وغيرها، وكذلك الفعاليات والأنشطة الخاصة بالأطفال، وكل ذلك يحسب إيجابا للمسؤولين عن ذلك المخيم الصيفي الدعوي، فلماذا ترك لخيمة الرعب تلك أن تخدش كل الجهود الطيبة الأخرى؟

الوسائل الدعوية المبتكرة والجيدة والمؤثرة لا بد أن تكون موضع ترحيب من الجميع، بشرط التحقق من صلاحيتها النفسية والتربوية، ومراعاتها للمرحلة العمرية، والفروقات الفردية بين المستهدفين.. وقد كنت أتمنى أن تكون سطوري هذه إشادة بالمخيم، وثناء على الجهود، لولا أن تبعثرت كلماتي في ظلام الخيمة، ومناخات الرعب!

[email protected]