ذلك الحيوان الغريب

TT

حيثما ذهب العرب في فتوحاتهم نقلوا معهم النخلة والبعير، وكلاهما من اغرب مخلوقات الله. لم يصلوا بالجمل الى اوروبا. ربما لم يجد طارق بن زياد سفينة تستطيع حمله. وبقي امره غريبا عند الاوروبيين. سمعوا عنه في الانجيل ولم يروه. قرروا منح جائزة لأحسن مقالة في وصف الجمال. وهنا واجهنا هذا التباين بين منحى الانجليز العملي ومنحى الالمان الفكري. انكب عالم ألماني على دراسة كل المجلدات والموسوعات والتقارير المكتوبة عن الجمل وقضى اشهرا في تمحيصها وكتابة المقالة. اما العالم الانجليزي فقد ركب اول سفينة متوجهة للمغرب ورأى الجمل هناك وركبه وعاد فوصفه. وكان هو الفائز بالجائزة.

ولم يستثن العرب في تعجبهم من هيئته وبصورة خاصة رقبته وطولها. فسألوا الجمل: لماذا رقبتك عوجاء بهذا الشكل؟ فقال: وأي شيء في جسمي عدل حتى تسألوني عن اعوجاج رقبتي؟!

لفت هذا الحيوان المسخ نظر الكاتب الانجليزي الساخر جورج اورويل، صاحب الكتاب الشهير «مزرعة الحيوانات»، باعوجاجه وغرابة هيئته وشذوذ اعضائه، فقال مداعبا قراءه: لا بد ان يكون الجمل من تصميم لجنة! ولكنه لم يقل لجنة من لجان الجامعة العربية.

وفي ذلك قال الشاعر:

ولو ان ما بي من جوى وصبابة

على جمل لم يبق في النار كافر

وهي إشارة واضحة وبليغة الى ما ورد في سورة الأعراف من القرآن الكريم «ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط». وهو ما قاله ايضا السيد المسيح عليه السلام للحواريين في انجيل متي عن مرور الجمل من خرم ابرة.

ومن شذوذ معشر الجمال انها الحيوانات الوحيدة التي تبول الى الوراء. وفي ذلك قال الشاعر الشعبي الملا عبود الكرخي يصف ساخرا سوء عيشه:

بس آني صاير مسخرة

عايش بعيشة ممرمرة

اجرع عذاب وعنقرة

بول الجمل راجع ورا

والله شنو؟ السمسرة عيب بنظري!

وردت حكايات وطرائف كثيرة عن الجمل وسلوكه وهيئته الشاذة. وكان من اطرفها ما سمعته عن الروس. قالوا ان امرأة ذهبت الى حديقة الحيوانات في موسكو بعد الثورة البلشفية ببضعة اشهر.

وهناك رأت الجمل لأول مرة في حياتها فضربت يدا على يد في اسى وحسرة ثم قالت وهي تشير اليه: «انظروا لهذا الحصان المسكين!... انظروا ما فعلت به الشيوعية!».

www.kishtainiat.blogspot.com