هل يصطلح السنة والشيعة؟

TT

السؤال أعلاه سطحي، أليس كذلك؟ ما هو أكثر منه سطحية هو ما سمي بوثيقة التفاهم الموقعة بين الشيعة والسنة في لبنان، والتي تمت بين كل من حزب الله الإيراني في لبنان وبعض ممثلي التيارات السلفية هناك.

وثيقة التفاهم السنية ـ الشيعية ليست جهدا دينيا من قبل علماء الأمة لحماية الإسلام والمسلمين من صراع أبناء الطائفتين، وإن كانت جميع الجهود التي بذلت من قبل قد منيت بالفشل، بل إن الوثيقة محاولة لتلميع صورة أبناء الولي الفقيه، وتحديدا حزب الله الإيراني.

«الإخوان المسلمون»، الذين ينفون أي دور لهم في توقيع تلك الوثيقة، تبدو تصريحاتهم الأخيرة كمحاولة لترويج حزب الله الإيراني وقبوله. وكان لافتا ما جاء في حديث الدكتور عبد الستار المليجي، قيادي الإخوان في مصر، لصحيفتنا وقوله إن الهدف من الاتفاقية الموقعة بين الحزب الإيراني والسلفيين في لبنان هو أن حزب نصر الله يعد نفسه لمعركة قادمة مع إسرائيل ويريد «اتقاء شر هؤلاء الناس» اي السلفيين.

والسؤال هنا هل «هؤلاء الناس»، أي السلفيون، هم من قاموا بغزوة بيروت واحتلالها والتنكيل بسنتها في السابع من أيار؟ وهل «هؤلاء الناس» سينسون أن حسن نصر الله خرج مفاخرا على رؤوس الأشهاد بكونه فردا في حزب الولي الفقيه ؟

أقل ما يمكن قوله عن وثيقة التفاهم السنية ـ الشيعية هي أنها محاولة بائسة لتلميع صورة حسن نصر الله، والإيرانيين من خلفه، أمام الشارع السني. وللأسف ان محاولة التلميع تلك تتم بمشاركة من الإخوان المسلمين وفروعهم، مثل حماس. كما يساهم فيها تابعون لدمشق، بعضهم معلوم، وبعضهم الآخر لم ينفضح أمره بعد.

فللسوريين مصلحة في تهدئة الأوضاع في طرابلس الآن، والمعارك التي تندلع وتهدأ بين السنة والعلويين إن استمرت فإن نارها قد تطال دمشق، خصوصا أن سورية لا تريد الآن مواجهة مع حزب الله.

وبالتالي فإن وثيقة التفاهم السني ـ الشيعي محاولة مكشوفة لإعادة الوهج إلى صورة حسن نصر الله وحزبه الإيراني، ومحاولة لتفادي اللغم السني في لبنان، والمنطقة، والذي أصبح يشكل ذعرا حقيقيا لحسن نصر الله، وحزبه الإيراني.

كما أن تلك الوثيقة مؤشر قوي على ما تقوم به كل من إيران وسورية لشق صف أبناء السنة في بيروت، وتساعدهم في ذلك تصريحات الإخوان المسلمين، الذين لم يدينوا احتلال بيروت من قبل حزب الله الإيراني.

ومهما كان هناك من صراع تاريخي بين السنة والشيعة منذ عدة قرون، إلا أن التحزب الطائفي مقابل مفهوم الدولة والمواطنة أمر مرفوض تماما، لكن محاولة تلميع حزب الله الإيراني الذي احتل الجزء السني في بيروت بالسلاح أمر مرفوض أيضا ومعيب، فالمعتدي لا يكافأ!

معلوم أن الخلاف السياسي في لبنان انحدر إلى أبعد مدى، سياسيا، وعسكريا، لكن أن يصل الأمر إلى هذه اللعبة المسماة بتفاهم بين السنة والشيعة، في وقت كلنا يعرف فيه أن حزب الله الإيراني يتكئ على شرعية السلاح، فهذا يعد مؤامرة إيرانية جديدة على المنطقة العربية، وتحديدا السنة.

[email protected]