أصعب مهمة في حياة الرئيس (2ـ3)

TT

في مذكرات الرئيس الروسي يلتسين قال كل شيء. كيف كان يأكل ويشرب وكيف كانت أمه تتخيل مستقبله. ولم يكن في خيال أمه أن يكون ابنها رئيساً لروسيا وأن يكون صاحب انقلاب هادئ أطاح بجورباتشوف وأتى ببوتين رجل المخابرات الروسية.

واعترف يلتسين بمواقفه السياسية وأنه متآمر بتكوينه النفسي. وأنه كان يتمنى أن يكتب قصصاً بوليسية يكون أبطالها من رجال المخابرات وأنه لم يكن يريد أن يتزوج.. لأن الزواج عقبة في طريق أي إنسان عنده طموح. فالمرأة تكره التآمر وتكره ما يعطل سيرتها نحو الزواج والأولاد والحياة الهادئة.

وكانت هذه الاعترافات أكبر دليل على أن يلتسين لا يعرف نفسه ولم يتسع وقته ليواجه نفسه ويتساءل: من أنا ماذا أريد وكيف أطبق ما أريد.. ومن الذين اعتمد عليهم. واكتشف يلتسين أنه كان على خطأ في كل توقعاته وأحلامه وأنه مختلف تماماً. وأن أكبر غلطة يقع فيها أي سياسي أنه لم ينفرد بنفسه ويعرفها ويعرف ماذا تريد منه ومن غيره. ولكن يلتسين لم يكذب على نفسه. وإنما صارحها وأهم ما صارح به نفسه أنه يجب ألا يثق في أحد.

وسوف نقرأ مذكراته وقد ننسى كل ما جاء فيها لأن هناك تشابها كبيراً بين كل الثوار والشبان وبين كل الزعماء في شبابهم.. إلا هذه الحادثة فقد كان مضطراً أن يحمل طفلاً صغيراً على صدره أو في حضنه من موسكو إلى ليننجراد (سانت بطرسبورج) ولم يكن في حساب يلتسين أن هذا الطفل سوف يبكي ولن يتوقف عن البكاء وبكى الطفل ووقف يلتسين يهدهده. ولكن الطفل ظل يبكي. ولم يجد يلتسين إلا حلاً واحداً وهو أن يفتح القميص ويكشف عن صدره ويضع ثديه البارز في فم الطفل. وراح الطفل يرضع ونام. وإذا حاول الطفل أن يبكي أعطاه ثديه الثاني حتى استغرق الطفل في النوم. يقول يلتسين: لم أكن أتصور أنني من الممكن أن أقوم بدور الأم ساعة واحدة!