إلى الرئيس بارزاني .. ثبتوا حقوق أخوتنا العرب والتركمان

TT

بداية أنا متيقن سيادة الرئيس، بأنني لست الوحيد الذي يطرح عليكم هذه الامور، وأجزم بأنها تشغل مساحة مهمة من اهتمامكم، إلا انني رأيت ان اطرح عليكم هذه الافكار وفي هذا التوقيت بالذات، لأن الايام والاسابيع الماضية كانت صعبة علينا جميعا، كانت بمثابة الصدمة للكثير من العراقيين وخصوصا الاكراد منهم.

واعلم كذلك سيادة الرئيس ان وصول الامور في العراق الى ما هي عليه الآن تشغل جل وقتكم، وانكم قد لا تجدون الوقت الكافي للاطلاع على ما تقوله الصحف، لذا اعتذر عن اقحامكم وهذه الامور في اشد اوقاتكم انشغالا بالعمل.

كانت كردستان على الدوام البيت الآمن لكل من يتعرض لاضطهاد في العراق، وكانت حتى قبل انتفاضة 1991 العظيمة بيتا لكل معارض عراقي، ثم تحولت بعد سقوط نظام صدام الى ملجأ لكل من شردتهم الصراعات الطائفية المقيتة في العراق. لم تنحصر هذه الروحية في استضافة اخوتنا من العراقيين ايام المحن وحسب، بل تجاوزت ذلك عندما ترسخت حقوق تمثيل اخوتنا الآشوريين في المشاركة السياسية في كردستان العراق والذي تجسد في تخصيص مقاعد لهم في البرلمان الكردستاني ومن ثم اشراكهم في التشكيلات الحكومية المختلفة في كردستان. ثم كان تخصيص مقاعد في المجلس الوطني الكردستاني لأخوتنا التركمان في الدورة الحالية للمجلس. هذه الحقائق تدل، على ان روحية الانفتاح على الآخر وقبوله وقبول مشاركته ليست مجرد شعارت او ممارسات شكلية من اجل اظهار صورة مقبولة في العالم، بل هي من صميم القناعات السياسية الراسخة التي تميز الروحية الكردستانية في التعامل مع الآخر غير الكردي.

سيدي الرئيس، بالرغم من كل ملاحظاتنا وملاحظات غيرنا على الامور، الا ان الواقع يقول انكم في القيادة الكردستانية تدركون اهمية مشاركة الجميع في بناء بلدنا الذي هو بلد كل ابناء شعب كردستان من العرب والتركمان والاقليات الاخرى، وانا متيقن من انكم تتطلعون الى ترسيخ هذه المشاركة، ليس على صعيد واجب الانتماء الوطني الى كردستان العراق، بل وكذلك على مستوى منح الكل حقوقهم العادلة والمشروعة سواء على مستوى المكونات الاثنية، او على مستوى الافراد. لكنكم تعلمون سيدي الرئيس، ان هذه الحقوق وهذه المشاركة يجب ان لا تظل على ما هي عليه الآن، بل يجب ان تكون على اسس اكثر متانة وقانونية، وهو ما اريد ان اؤكده لفخامتكم.

تعلمون ان شعب كردستان يتطلع الى اقرار دستور الاقليم، وعلى الرغم من كل السجالات التي دارت حول مشروع دستور الاقليم، وبالرغم من كل ملاحظاتنا على بعض الامور فيه والتي نتمنى ان تأخذوا بها في الصياغة النهائية، الا ان الكل مجمعون على ضرورة الاسراع في الدفع بما يلزم لإقرار دستور اقليم كردستان، ولا يخفى على فخامتكم ان شعب كردستان الذي روى بستان الحرية في كردستان والعراق بدماء ابنائه يتطلع الى اقرار دستور مدني عصري يبني نظاما سياسيا عادلا يحفظ حريات الناس العامة والخاصة، يصون كرامة المواطن الكردستاني، ويضمن لمكوناته المختلفة حقوقهم المشروعة. كل الملاحظات والتحفظات التي طرحها ويطرحها نشطاء كردستان ومثقفيه لا يهدف الا الى تجسيد احلام شعبنا في بناء نظام يليق بكرامة الانسان ويصون كرامته وحقوقه، نظام يجسد احلام شهدائنا في الحرية.

وما يأمله ابناء شعبنا هو ان تأخذوا بهذه الملاحظات، لأنكم بصفتكم رئيسا لاقليم كردستان تعتبرون حامي حقوق ابنائه، وتكونون حاميا للدستور ان تمت المصادقة عليه من قبل ابناء شعبنا.

بالاضافة الى توسيع مساحة الحريات في الدستور الكردستاني، لاسيما الحريات السياسية والدينية، اسمحوا لي سيدي الرئيس، ان اطرح عليكم قضية حقوق اخوتنا العرب والتركمان والاقليات الاخرى من ابناء شعب كردستان. هذه الحقوق لايجب ان تخضع للظروف السياسية، واجزم بأنكم ترون هذه المسألة على هذه الشاكلة تحديدا، فحقوق غير الكرد من ابناء شعب كردستان يجب ان تترسخ في الدستور، وبأوضح الصور، ودون اي لبس او عبارات عائمة تخضع لتفسيرات مختلفة. فتمثيل اخوتنا غير الكرد في السلطة التشريعية والتنفيذية وكافة السلطات تمثيلا عادلا حق يجب ان يكفله دستورنا.. كذلك حقوقهم الثقافية والتي يمارسونها الآن بحرية، يجب ان يتضمنها دستورنا ايضا. يجب ان تكون الفرص متساوية امام كل ابناء شعب كردستان، ودون اي تمييز، فتعدد تكوينات شعبنا لا يشكل نقطة ضعف، بل نقطة قوة تؤسس لغنى يصب في مصلحة بلدنا، فحق تولي المناصب والوظائف العامة بالتساوي لكل مكونات شعبنا يجب ان يضمنه الدستور ولا تخضع لتوازنات وظروف سياسية بعينها.

خلاصة القول سيدي الرئيس، هو ان شعبنا يتطلع اليكم لتحركوا من جديد قضية دستور الاقليم، وان يكون تحريككم له مبنيا على ترسيخ وتوسيع الحقوق والحريات. كلنا نأمل ان يشكل دستورنا صمام الامان الذي يشجع الكل الى الانتماء الى اقليم كردستان، وذلك باحترام حقوقهم وصونها وصون كرامتهم، والحفاظ على خصوصياتهم الاثنية والقومية والدينية. يجب ان يكون دستورنا املا يحفز مكونات شعب كردستان الى ترسيخ انتمائهم الوطني الطوعي الى بلدهم كردستان العراق.

* كاتب كردي عراقي

 [email protected]