أولمبياد بكين: الرياضة.. والريادة

TT

أبهرت الصين العالم ـ رغم التحديات ـ بحفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية المقامة حالياً في بكين حتى 24 من شهر أغسطس الجاري، وما زالت تبهر العالم بمواصلة تعزيز مركزها وريادتها في صدارة الميداليات وبخاصة الذهبية. كما أبهر السباح الأميركي مايكل فيلبس العالم، بعدد الميداليات الذهبية التي أحرزها في الألعاب الأولمبية حتى الآن، بينما للأسف حصيلة الدول العربية منذ بدء مشاركتها في مسيرة الدورات الأولمبية في عام 1912 باستكهولم وحتى دورة أثينا 2004، بلغ 75 ميدالية، توزعت بين 20 ميدالية ذهبية، و18 ميدالية فضية، و37 ميدالية برونزية، وهي حصيلة ضئيلة للغاية، يجب أن تدعونا للمزيد من النقاش حول السبل والأساليب المناسبة والفعالة لتحقيق «الريادة» في المنافسات الرياضية، وبخاصة العالمية منها.

الرياضة أحد الأنشطة المهمة في حياة الفرد وبخاصة في الدول المتقدمة، وحصاد هذه الدول للعديد من الميداليات في الدورات الأولمبية، لم يأت من فراغ، فالرياضة منظومة متكاملة، تشمل قائمة طويلة من الموارد، والمعدات والأدوات الرياضية المناسبة، والكفاءات والخبرات، والتدريب الجاد، وجوانب نفسية منها الإصرار والعزيمة والقدرة على التحمل، والعمل الجماعي، والتعلم والاستفادة من تجارب الآخرين، والثقافة الرياضية في المجتمع، إلى غير ذلك، ويأتي على رأس قائمة هذه المنظومة «التخطيط الجيد والإدارة الفعالة».

إعداد وبناء «أجيال رياضية» قادرة على المنافسة والريادة، ينبغي أن يبدأ منذ الصغر، في المدارس والجامعات والنوادي ومراكز الشباب وكافة مؤسسات الرياضة، مع تطوير المناهج الرياضية الدراسية وتطوير كليات التربية الرياضية، والتركيز على التوعية الرياضية، فمشروع إعداد «بطل رياضي» ليس بالأمر السهل، إذ يتطلب تعاون الأفراد ومؤسسات الدولة، فهناك ضرورة الآن لتشجيع الأفراد والشركات لتمويل الرياضة والاستثمار في مشاريع «رعاية الأبطال الرياضيين»، فالرياضة تتطلب استثمارات ضخمة لا تستطيع الحكومات بمفردها توفيرها، ودعم الأنشطة الرياضية في المدارس والجامعات والنوادي ومراكز الشباب، مع ضرورة إعداد برامج جادة لاكتشاف الموهوبين رياضياً، بالتعاون مع وزارات التربية والتعليم والنوادي ومراكز الشباب، مع التركيز على الألعاب الفردية التي يمكن لنا أن نحقق الريادة فيها مثل الملاكمة والمصارعة وألعاب القوى ورفع الأثقال والتايكوندو، وغيرها، مع توسيع قاعدة ممارسة الرياضة لأكبر عدد من الأفراد من مختلف الأعمار ومن الجنسين.

وهناك ضرورة أيضاً لتطوير نظم الإدارة الرياضية، مع الاستفادة من تجارب الدول التي حققت إنجازات رياضية رائدة، وكذلك من دراسة سيرة حياة الأبطال الرياضيين العالميين.

وأخيراً.. النهوض بالرياضة العربية، من القضايا المهمة، التي يجب أن تطرح دائماً للنقاش الجاد وبخاصة من قبل المتخصصين والأكاديميين في المجال الرياضي، بهدف وضع الخطوات العملية والتوصل للسبل والأساليب الفعالة، التي تضمن للرياضة العربية تحقيق «الريادة» العالمية.

* كاتبة وباحثة مصرية

في الشؤون العلمية