الجنس والسياسة والعصير

TT

منذ الأزل، وتحديدا منذ ولادة السياسة، ارتبطت الملاحقة الإعلامية بأخبار الساسة الجنسية، وفي الماضي كانت الوسيلة هي وكالة أنباء «يقولون»، لكن عالمنا اليوم يعج بكاميرات التصوير الظاهرة والخفية، وبالانترنت وأجهزة التنصت والتسجيل، ومخلوقات جديدة اسمها «الباباراتزيز» ومفردها «باباراتزي»، وهي كلمة إيطالية تعني مصورين متجولين يلاحقون المشاهير لتصويرهم في كل حالاتهم: يقودون سياراتهم، يمشون مع أولادهم، يأكلون في مطعم، يخرجون في رحلة بحرية، بل حتى داخل بيوتهم إن تسنى لهم ذلك. وهدف هؤلاء هو الحصول على صورة أو خبر «ذي عصارة» أو ما يسمى بالإنجليزية JUICY. يعني خبرا «عصيرا»، أي خبرا ذا رائحة جنسية فضائحية، وإلا فإنه «ما يسوى».

ولعل أشهر صور العصير الحديثة تلك التي نشرها الباباراتزيز للأميرة الراحلة ديانا سبنسر بالمايوه مع عشيقها دودي الفايد على يخته بالريفيرا الفرنسية. يقال إن الباباراتزيز تسببوا في حادث مقتلهما الشهير.

في الأسبوع الماضي كشف الباباراتزيز عن فضيحة جنسية بطلها مرشح الرئاسة الأمريكي السابق جون ادواردز، بل والكشف عن إنجاب ولد له من علاقته مع سكرتيرة سابقة. زوجة المرشح السابق مصابة بالسرطان، مما أعطى القصة مزيدا من العصير الدرامي. أما معسكر هيلاري كلينتون فقد عض إصبع الندم، فلو أن فضيحة ادواردز ظهرت قبل تصفيات الحزب الديمقراطي ـ كما يقولون ـ لأطاحت بمنافسها أوباما مبكرا، حيث كان من الممكن أن تذهب أصوات ادواردز لكلينتون لو ظهرت الفضيحة مبكرا.

سبق لمرشح رئاسي ديمقراطي أيضا – هو جاري هارت ـ أن انسحب من تصفيات الرئاسة بعد فضيحته الشهيرة ـ على يخت أيضا ـ مع العارضة الجميلة الشقراء دونا رايس، التي تشترك مع وزيرة الخارجية الأمريكية بالاسم الأخير فقط. العامل المشترك في قصة عصير ادواردز وهارت أنهما أنكرا أن لهما عصيرا بالمرة، فكان أن فضحت «الناشيونال انكوارر» الأول، وفضحت «الميامي تربيون» الثاني. يقال بأنه لولا قصة عصير هارت لتغلب على رونالد ريغان في انتخابات الرئاسة عام 1984.

يبدو أن عصير الجمهوريين أقل بكثير من عصير الديمقراطيين، فلم نراهم كثيرا في صور الباباراتزيز ولا في قصص التابلويد. أكثر فضائح الرؤساء الأمريكيين عصيرا، كانت تلك التي بين الرئيس السابق بيل كلينتون ومونيكا لوينسكي. الرئيس الأمريكي الجمهوري الحالي جورج بوش، تحاشى الضربة التقليدية التشجيعية لبطلات بلاده في كرة طائرة الشاطئ أثناء لقائهن في بكين الأسبوع الماضي. الرئيس ضرب على ظهورهن بدلا من الضرب على المكان التقليدي للتشجيع ـ الباباراتزيز يرون في الرئيس بوش سياسيا ناشفا بلا عصير.

الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، طلق زوجته وارتبط بصديقته لفترة قبل أن يتزوجها: عيني عينك ـ أشكرا خبر ـ شاهر يا ظاهر، لا بل إنه سافر معها «للوناسة»، ولم يكن يهمه عصير الباباراتزيز.

الرئيس الروسي بوتين صاحب فتاة جمبازية صغيرة في السن اسمها ألينا كابائيفا ضمن مجموعة من الفتيات الرياضيات الجميلات، اللاتي جلبهن لتحسين صورة حزبه «الاتحاد الروسي» وسمتهن الصحافة الروسية «حبيبات بوتين PUTINSKIE KRASOTKI». بدوره نفى بوتين علاقته بألينا في مؤتمر صحفي عقده مع رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني. بيرلسكوني معروف بعلاقاته النسائية المتعددة التي لا يخفيها!

ظهرت للرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران بنت، من علاقة عصير أثناء حياته، القصة كانت مليئة بالعصير بعد وفاته. في عالم الباباراتزيز العصير عصير، حتى لو كان لسياسي ميت.

يستغرب الواحد من غياب قصص العصير حول ساستنا العرب! وهذا لا تفسير له سوى واحد من اثنين بلا ثالث: إما أنهم أحرص من الجمهوريين أو أنهم بلا عصير ـ أي أنهم بلا فضائح وعلاقات جنسية محرمة: أنا شخصيا أعتقد بأنهم بلا عصير ـ أي لا توجد عندهم علاقات جنسية محرمة.