هل هو الغدر بأبناء الصحوة؟

TT

كان الاعتقاد هو أن أقل ما يمكن أن يناله أبناء مجالس الصحوة في العراق على تضحياتهم، وطردهم وقتالهم لتنظيم «القاعدة»، وجهودهم في استتباب الأمن في مناطق كانت بمثابة الجحيم للأميركيين والحكومة العراقية، مثل الفلوجة وغيرها، هو الاعتراف بهم واحتواؤهم في صفوف الأمن العراقي، وأن يصبح الأمر فرصة لإتمام المصالحة العراقية.

وأبسط مثال على ما تواجهه الصحوة هو ما حدث قبل أسبوع حين نجا قائد أول مجلس للصحوة في مدينة كركوك لمقاتلة تنظيم «القاعدة»، من محاولة اغتيال بتفجير انتحاري بسيارة مفخخة.

لكن ما حدث كان العكس، فالحكومة العراقية تقوم الآن بطرد وإلقاء القبض على عناصر من أفراد الصحوة وقياداتها، على الرغم من تحذيرات العسكريين الأميركيين، وخشيتهم من أن يتسبب ذلك في عودة العنف إلى العراق.

إلا أنه يبدو أن لدى حكومة المالكي، والمحسوبين عليها، تفكيرا آخر، حيث يقول جلال الدين الصغير عضو البرلمان العراقي عن الكتلة الشيعية «لا يمكن للدولة أن تقبل رجال الصحوة، وأيامهم باتت معدودة». ويذهب العميد ناصر الحيطي قائد لواء المثنى في الجيش العراقي إلى وصف رجال الصحوة بما هو أسوأ، حيث يقول إنهم «مثل السرطان، ولا بد من استئصالهم».

فمن بين مائة ألف مقاتل عراقي من أعضاء الصحوة لم تضم الحكومة العراقية إلى قواتها سوى قرابة خمسة آلاف منهم للجيش وغيره، على الرغم من أن أبناء الصحوة هم عراقيون، ولهم اليد الطولى في محاربة «القاعدة» واستقرار البلاد.

الغدر بأبناء الصحوة يؤكد القناعة بأن حكومة المالكي غير معنية بالمصالحة الوطنية، وإلا ما معنى وصفهم بالسرطان، والدعوة إلى استئصالهم؟

لو أن قيادات الصحوة قررت تشكيل ميليشيا واستخدامها لترويع الناس فلا ضير في إيقافهم وتفريق صفوفهم، لكن طالما كانت الصحوة تدافع عن الوحدة العراقية، وتطارد الإرهابيين فلماذا يقمعون بدلا من الوقوف معهم؟

تحول مجالس الصحوة إلى قوة سياسية سلمية أمر طبيعي، فالعملية الديموقراطية تعني المشاركة الجماعية تحت مظلة المؤسسات المدنية، ومن غير الطبيعي مصادرة حق الصحوة في العمل السياسي السلمي وقمع وطرد واعتقال أفرادها.

فهل تريد حكومة المالكي توجيه ضربة لجهود محاربة «القاعدة»، أم أنها لا تريد رؤية تكتل سني قوي، على غرار ما تريده طهران التي يقلقها صعود نجم مجالس الصحوة، ودورها الإيجابي في العراق؟

فإذا كان قمع الصحوة هو ما يريده المالكي فعلى الأميركيين الحذر، لأن ذلك ببساطة يشكل خطرا على خططهم في استتباب الأوضاع الأمنية في العراق وأفغانستان، ورسالة خطرة لكل من يتعاون من أجل استقرار العراق وأفغانستان.

الغدر بالصحوة من قبل الأحزاب الشيعية في العراق رسالة لكل من هو حريص على استتباب الأمن في بغداد وكابل مفادها: احذروا التعاون مع الأميركيين وإلا سيكون مصيركم مثل مجالس الصحوة.

فإذا كانت حكومة المالكي تتصرف من منطلقات طائفية ضيقة ضد فكرة العراق الجديد، فعلى العراقيين وواشنطن أن يكونوا أكثر وعيا. الغدر بمجالس الصحوة سيكون ضربة حقيقية لجهود استتباب الأمن في العراق.

[email protected]