سورية وروسيا وشائعة التحالف

TT

كيف نقرأ زيارة الرئيس السوري الى روسيا التي حظيت بدعاية في منطقتنا ألصقتها بأزمة حرب جورجيا، وان موسكو أخيرا ستساند سورية بالمواقف السياسية، والسلاح، ضد الولايات المتحدة واسرائيل؟ أي ان دمشق شقت التحالفات الدولية مرة ثانية، بعد زيارة فرنسا، حيال قضيتها، على اعتبار ان روسيا لم تكن تصوت لصالح سورية في قرارات قضية المحكمة الدولية، وغيرها.

كلام كبير، ونتيجة مهمة لو كانت صحيحة، لان فيها نقل الأزمة الى صراع المستوى الدولي. حدسي انه كلام ليس صحيحا، بل هي حملة علاقات عامة جيدة أخرى من دمشق، ومحاولات لبناء علاقات دولية قد تكون مفيدة مستقبلا. بقدر ما تبدو الرحلة مفيدة، الا ان سورية مثل من يفتش عن حل في آخر الدنيا في حين ان المفاتيح في جيبها. باختصار، لمن لا يطيق الانتظار الى نهاية المقال، روسيا لن تعارك اميركا من اجل سورية، كان هذا يحدث في زمن الاتحاد السوفييتي وليس في عهد الرئيس بوتين. روسيا لم تعد بلدا ايدولوجيا كما كانت زمن السوفييت بل تحسب سياستها وفق مصالحها، وهذا سبب معركتها مع جورجيا.

ولحسن الحظ فان دمشق نفسها من تعجل نفي رواية سلاح اسكندر الصاروخي، الذي قيل ستنشره موسكو على الاراضي السورية، وأكدت على ان الموضوع كله لم يبحث مع الروس. فالمبالغة وترويج مثل هذه الاشاعات سيمهد لإسرائيل ضرب سورية، في حين القيادة السورية ارادت من حملة العلاقات العامة رفع المعنويات الداخلية والاقليمية، لا الدخول في حرب غير متكافئة مع اسرائيل.

 الاشاعة الأخرى، ابحار بوارج روسية الى ميناء طرطوس وانه تم تحويله الى قاعدة بحرية لروسيا ضمن اتفاق عسكري. لم تنف لأنها شائعة مكررة، بنيت على زيارات مكررة تقوم بها قطع بحرية عسكرية روسية للميناء منذ زمن لاغراض تموينية.

روسيا اكدت لكل الاطراف انها لن تساند سورية ضد الآخرين في الصراع الاقليمي. لم تبدل موقفها المحايد رغم ان اسرائيل زودت الجورجيين بأسلحة جاءت نتيجتها فاشلة، حيث خسرت جورجيا الحرب في زمن قياسي. فمعظم الدول العربية الرئيسية الأخرى لم تؤيد اميركا ولم تصدر بيانا او تصريحا مع جورجيا، ولم تستنكر هجوم روسيا، ولم توقع ضد «احتلال» روسيا اوسيتيا. فلماذا تقف روسيا ضدهم مع سورية؟

نستطيع ان نرى ان الرئيس السوري بشار الاسد ابدى مهارة عالية في رفع الحضور السوري دوليا، تبنى سياسة الهجوم الدبلوماسي على معظم الجبهات، لبنان، والخليج، وفرنسا، واسرائيل، والولايات المتحدة، وروسيا أخيرا. وصاحب زياراته نشاطات ميدانية مثيرة، كما نرى اخيرا في تبادل السفارتين مع لبنان، وما سبقها من ادارة ايجابية لأحداث كبيرة في فلسطين ولبنان. ومع الإقرار بحيوية الدبلوماسية السورية يظل السؤال، ما الذي جنته دمشق في سبيل حل قضيتها الرئيسية؟ القضية المركبة من المحكمة الدولية، والاحتماء بايران، ومواجهة المقاطعة الاميركية المتزايدة؟

سورية لن تجد مفرا من التعامل مع اطراف القضية مباشرة والتفاهم معهم، لو فعلته اليوم لاختصرت الكثير.

[email protected]