أنت راجل ناضج إلا قليلا ! (1 ـ 4)

TT

في العيد الذهبي للمجلة الإيطالية «بابيني فلفيش» أي الأطفال السعداء، كان لي حديث طويل مع المحررة الشهيرة فرانشيسكا باريزي. موضوع الحديث هو: هل صحيح أن في داخل كل منا طفلا وهذا الطفل لا يريد أن يكبر. والدليل على ذلك كثير من التصرفات «العيالي» التي نرتكبها فنندهش لتصرفاتنا.. كأنها قد صدرت عن أناس غيرنا ثم نتساءل لماذا حدثت.. ولماذا لا يزال في داخل كل منا طفل قادر على أن يكون له رأي أو قرار أو رد فعل لا يصدر من واحد عاقل ناضج.. هناك نظريتان في علم النفس: الأولى: أن في داخلنا طفلا يتربص بنا ويفضحنا من حين إلى حين، ويؤكد لنا أننا ما نزال صغاراً. والثانية: أن في داخلنا قوة تخفي فشلنا في التعبير عن رأي أو موقف. وفي نفس الوقت ننتظر الوقت المناسب لكي تكشف عن القرار الدفين. ولا يهم إن كان هذا القرار صائباً المهم أن يصدر القرار الذي قد يكون قد تأخر سنة أو عشرين سنة.. ولذلك نرى أطباء العلاج النفسي يحرصون على أن يسألونا عن طفولتنا. ماذا كان وماذا ضايقنا وهل انتقمنا لما أصابنا. وفي كثير من الأحيان نجد المريض يبكي كما لو كان طفلا. فقد فاته أن يرد أو ينتقم وتظل هذه الرغبة في حالة تربص إلى أن تجيء الفرصة وقد تكون الفرصة غير مناسبة. المهم أن تجيء لحظة ينطلق فيها الطفل أو القرار المؤجل.

وهذا ما يريد أن يسمعه الطبيب لأن هذه القرارات المؤجلة تضايقنا أو هي سبب تعاستنا ولكننا لا ندري.. وأحيانا تكون سبب اعتراضنا أو ردود الفعل المتطرفة التي لا تليق بإنسان ناضج. لأنه لا يوجد إنسان ناضج وإنما ناضج إلا قليلا وهذا القليل هو هذا الطفل الذي لا يزال يقاوم لكي يبقى قوياً رافضاً لأي تغيير!