المشكلة في العراق انك لا تدري من تصدق نظرا لأنه راج فيه الكثير من الكذب السياسي، والقتل ايضا. ومع ان العراق شهد الكثير من الجرائم الا ان جريمة قتل إبني رئيس حزب الأمة مثال الألوسي صدمت المجتمع لأن المتهم بالقتل هو أسعد الهاشمي وزير، وليس زعيم عصابة. وكل من القاتل والأب المكلوم في نجليه سني، بما لا يجعلها جريمة طائفية. كما ان القاتل ليس معارضا للنظام لأنه نفسه وزير الثقافة في الحكومة الحالية، والاب المفجوع موال للحكومة كذلك.
لا تدري من تصدق بعد أن فر الوزير المتهم بجلده إلى الخارج، وغاب عن المحكمة ولم يجرؤ اي محام على تمثيله، وبالتالي كان سهلا على قاضي محكمة الجنايات المركزية في الكرخ إصدار قرار سريع بحق الوزير الغائب باعدامه شنقا حتى الموت.
هناك من يقول انها مجرد تصفيات ضد رموز سياسية بدليل ان قوات الأمن العراقية اعتقلت في نفس الاسبوع ابن عدنان الدليمي معارض الحكومة البارز بدعوى انه زرع قنبلة في منزل عائلة مهجرة، الدليمي الأب كان شريكا للهاشمي الوزير الملاحق، في الجبهة السنية. اي انها صدفة غريبة توجيه اتهامين في نفس الاسبوع رغم فارق عامين على الحادثتين.
ولأننا لا نستطيع ان نعرف مباشرة من الوزير الغائب اجابته على التهمة الخطيرة الا ان العراق بشكل عام غارق في التصفيات والجرائم ورغبات الانتقام التي طالت أعلى المراتب. لم تعد الطائفية المقيتة حصرا على الجهلة من العامة، ولا القتل خاصا بالقتلة. دخل الحكومة اناس اشتهروا بادارة فرق الموت التي قتلت على الهوية آلافا من الناس وبدل معاقبتهم كوفئوا بمناصب وزارية عليا. وبكل اسف تجلس في نفس الدرك الأسفل بعض المعارضة المدنية، التي تجاوزت الاصول في معارضتها وسعيها لتغيير النظام، حيث لجأت هي الأخرى الى استهداف الرموز والقتل الانتقامي.
فان كان اسعد الهاشمي هو الفاعل فانه لا يستحق العفو، ولن يقبل منه ان يبرر جريمته بظروف الحرب وخلافاتها السياسية، وواجب السلطات العراقية استكمال اجراءات العدالة بحقه. أما إذا كان بريئا فإن عليه أن يظهر لإثبات براءته من التهمة الخطيرة.
ذات مرة سمعت رأيا أطلقه احدهم على شاشة التلفزيون يقول فيه انه بعد ان ننتهي من القضاء على المعارضين سيكون العراق آمنا، يا له من تفكير ساذج! كيف يمكن للنظام ان يقضي على مئات الالاف من الذين يختلفون معه؟ او كيف تظن المعارضة انها قادرة على الغاء النظام باستهداف رموزه وعائلاتهم ومؤيديهم؟