ولكن الطفل لا يريد أن يكبر (2 ـ 4)

TT

ورأيت أنني أؤيد النظرية التي تقول إن في داخل كل منا طفلا لا يريد أن يكبر وفي نفس الوقت أقوى منا.. أي أقوى من قدرتنا على أن نتجاوزه وننهي دوره في حياتنا. وضربت لذلك أمثلة غريبة ومذهلة!

كنت تلميذاً مجتهداً وكان المدرسون يمنعونني من الاشتراك في الألعاب الرياضية وكانت حجتهم أنها لعب ولهو وعبث. وأن التلامذة الفاشلين هم الذين يلعبون ولذلك يجب ألا أضيع وقتي في اللعب.. وإنما أفضل لي أن أقرأ كتاباً ينفعني لكي أظل الأول على المدرسة ـ كما كنت في جميع مراحل التعليم.

ولذلك، كان زملائي يلعبون كرة القدم والسلة والطاولة واليد. أما أنا فقد انزويت وانكفأت على كتاب وبذلك أكون قد أرضيت أساتذتي. وأغضبت زملائي الذين يرون في ذلك تعالياً عليهم وتميزاً من الأساتذة لأظل متقدماً ويظلوا متخلفين، حتى زادت عزلتي وانطوائي وكراهية زملائي لي وغيرتهم وحقدهم.. وكل ذلك قد ضاعف من تقوقعي وفي سن مبكرة وجدت نفسي وحيداً. وجاء الأساتذة وشجعوا هذه الوحدة واحتفلوا بها. ورأوا في ذلك سبباً قوياً لتفوقي ولكن لم أكن سعيداً ولم أعرف كيف أعالج هذا السلوك المرفوض من كل الزملاء ـ ولا أقول الأصدقاء..

ولم أندم على شيء في حياتي إلا على أنني لم أمارس أية رياضة ولا حتى المشي. واليوم أحاول أن أمارس بمجهود كبير ما كان ينبغي أن أمارسه بلا مجهود ولكن فات الأوان.. ومضى الزمان فلا أنا قادر على الرياضة كأي طفل ولا على استعادة الأصدقاء الذين فقدتهم في عشرات السنين.. والرجل في داخلي حزين على ذلك، أما الطفل فسعيد بخيبة أملي وفشلي في أن أكسب صديقاً جديداً!