قندهار أم الضاحية الجنوبية؟

TT

حذر النائب عن كتلة تيار المستقبل اللبناني سمير الجسر من أن هناك من يسعى لتصوير مدينة طرابلس على أنها مثل قندهار، معقل التطرف في افغانستان، مشددا على أن حزب الله الإيراني يستعد لقضم المدينة اللبنانية الشمالية.

جاء ذلك في الوقت الذي حذر فيه مفتي الشمال من أن الهوية السنية مهددة بالأفول، وكل ذلك الاستهداف لطرابلس يأتي من أجل ضرب قوة أصوات الشمال اللبناني، استعدادا للانتخابات النيابية القادمة. لكن ما يعنينا هنا هو حملة تشبيه طرابلس على أنها قندهار.

وما يجب قوله هو أن التطرف السني شر لا يقل عنه شر التطرف الشيعي، وهذه الآفة الطائفية التي ابتليت بها منطقتنا غذتها ورعتها السياسات الإيرانية في المنطقة، لا في لبنان وحسب، وستثبت الأيام أن أول من سيتضرر منها هو نظام طهران.

لكن لماذا المعايرة بقندهار، والتحذير من أن تتولد لنا مدن على غرارها في أوطاننا، وتحديدا في طرابلس. هل نسينا أن لدينا الضاحية الجنوبية معقل حزب الله الإيراني، أو بلاد الله الضيقة، كما وصفها الكاتب اللبناني فادي توفيق؟

التطرف كله شر، ولا يوجد تطرف حميد وتطرف خبيث، ومثلما يتم التحذير من خطورة تعميم نموذج قندهار، فيجب أن يتم التحذير وبقوة من خطورة تعميم نموذج الضاحية الجنوبية ومربعاتها الأمنية على أوطاننا.

الضاحية الجنوبية نموذج لتقويض الدولة اللبنانية، وأي دولة، كما أنها دليل على خطورة توغل المال الخارجي، خصوصا «المال الطاهر» الذي يخلق ولاءات غير ولاءات الوطن، وواجبات مختلفة عن واجبات المواطنة، فالأموال الخارجية أداة حادة لشق صف الوطن، والمواطن.

عندما يكون لمنطقة، على غرار الضاحية الجنوبية، داخل الدولة الأم شبكة اتصالات خاصة بها، ونظام أمني مستقل عن الدولة ومرتبط بدول خارجية، وكذلك نظام تعليمي خاص ومختلف عما هو قائم في الدولة الأم، أو مخالف لما تشرعه الدولة فهذا يعني تقويضا للدولة ككل ونموذجا أخطر من قندهار.

وعندما يكون لمنطقة مثل الضاحية الجنوبية مفهوم خاص بالدين والثقافة، حيث تقوم باغلاق دور السينما، ومنها ينطلق مركز الإمام الخميني الثقافي، خصوصا أننا نتحدث عن لبنان التعددي، فهذا خطر كبير.

وعندما يتم قمع الحريات وترويع الكتاب وتفتيش منازلهم إن هم خالفوا توجهات حزب الولي الفقيه، كما حدث بعد انقلاب السابع من أيار وغزوة بيروت، فحينها تكون الضاحية مثل قندهار وأكثر سوءا.

وعندما تنتشر فرق جوالة ترصد ما هو بدعة وما هو أصيل، وتعلق محلات الحلاقة لافتات «لا لحلق اللحى»، وتغلق المطاعم بناء على فتاوى قادمة من طهران، وتعلق صور خامنئي والخميني وغيرهما من الرموز الإيرانية، وتستغل دور العبادة من أجل ترسيخ فكر الولي الفقيه، فحينها تكون الضاحية نموذجا خطرا، ورمزا لتقويض الدول، لا يقل خطورة عن قندهار.

فهلا كف حزب الله الإيراني ومن خلفه ماكينة البروباغندا الإيرانية، وغيرهم، عن تصوير طرابلس على أنها قندهار، طالما أن لديهم ما هو أسوأ وأخطر من قندهار على الدولة اللبنانية، والوطن العربي؟

[email protected]