ومن يومها لم أذق الشيكولاتة! (3 ـ 4)

TT

كان المدرس يتحدث عن الشعوب الأفريقية وعن ألوانها وملامحها، فقال إن هناك شعوباً سوداء وشعوباً سمراء وشعوباً خمرية. ولم أفهم معنى كلمة خمرية وكذلك عدد من زملائي، ولكن عندما قال إن الفرق بين السوداني والحبشي في اللون أن السوداني أسود، أما الحبشي فهو في لون الكاكاو. ورفعت أصبعي أسأل: يعني إيه كاكاو؟ وضحك الفصل كله.. الفصل الضاحك على التلميذ الذي هو الأول على كل التلامذة في كل سنوات الدراسة.. وكان ذلك أكثر من احتمالي فبكيت. وجاء المدرس يطيب خاطري ويشرح لي ويسألني: أنت لا تعرف الكاكاو؟ فقلت: لا. وقال: لم تشرب الكاكاو قط.. ولا سمعت عنه؟ والجواب: لا.

ومنذ ذلك الحين وأنا لم أذق الكاكاو ولا الشيكولاتة بكل أحجامها وأشكالها، ولا الآيس كريم بالشيكولاتة. وكنت أحاول أن أخترع أسباباً لامتناعي عنها وكنت أقول: إن عندي حساسية وإنها تصيبني بمغص، ويصدقني الناس.

ولكن السبب الحقيقي هو ما حكيته، ولا أدعي أنني لم أحاول أن أقاوم هذا الموقف العيالي. فكنت أشتري الشيكولاتة وأحاول أن أتذوقها سرا،ً ولكن لم أستطع. واستنكرت هذا الموقف وقاومت وأرغمت نفسي على أكل الشيكولاتة فكانت معدتي تطرد الشيكولاتة بمنتهى العنف. وعلى مائدة أحد الرؤساء كانت التورتة كلها من الشيكولاتة وكان لا بد أن أتظاهر بتناولها، فسقط الطبق من يدي على الأرض وحاولوا التهوين من أمر ما حدث، ولا بد أن آكل بالهنا والشفا، وابتلعت قطعة من التورتة وبسرعة رفضتها معدتي وتلوثت ملابسي وانتقم الطفل في داخلي!