عودة «القاعدة» إلى حضرموت

TT

لم يعرف عن تنظيم «القاعدة» أنه كان فاعلا عسكريا في حضرموت اليمنية. لكن الكثير كان قد قيل عن ان التنظيم موجودٌ وحيٌ في المحافظة طوال السنوات الماضية بحكم انتماء عدد ليس بالقليل من قياداته وأعضائه الى حضرموت نفسها، وبحكم غياب الاهتمام الدولي بها بشكل عام.

ويقال إن زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، وهو السعودي المولد ويتحدر من أصول حضرمية، كان متحمسا للدخول في معركة انفصال عدن وحضرموت الفاشلة في صيف عام 94 إلا انه منع من الذهاب والمشاركة في الحرب. ولا ندري على وجه التأكيد إنْ كان يحمل مشروعا سياسيا في رأسه حينها، ام انه كان كأي محارب متقاعد حديثا، حيث انه عاد حديثا من حرب افغانستان وأصبح عاطلا عن القتال، العمل الذي تخصص فيه عقدا من الزمن. بعد حرب الانفصال أسس بن لادن لاحقا تنظيم «القاعدة» في افغانستان. يبدو انه كان يخطط حينها لأن يؤسس التنظيم الاصولي المتطرف في جنوب اليمن عندما سعى للانضمام للحرب، وعندما عجز وخسر الجنوب الحرب سريعا تخلى عن المعركة وجرب حظه في السودان، إلا ان النظام في الخرطوم طرده ليجد في افغانستان الملاذ المناسب، مستفيدا من الفوضى العارمة وجهل طالبان في السياسة الدولية.

ويمكن ان نقول إن اليمن كله، وهو بلد كبير متنوع التضاريس ومعقد القبائل والانتماءات، نجا طويلا من هجمة «القاعدة»، ربما لم يجد تأييدا كافيا او انه تركه ليكون المعركة الاخيرة. ويبدو اننا نشهد معركة كبيرة في اليمن بين «القاعدة» والحكومة، وبحسب محافظ محافظة حضرموت سالم الخنبشي فان تنظيم «القاعدة» كان يخطط لتفجير منشآت حيوية أهمها المطار والميناء ومبنى مؤسسة الكهرباء ومبنى السلطة المحلية وعدد من الجسور لولا أن الخلية كشفت واشتبكت في معركة مع قوات الامن اليمنية قبل اسبوعين. وسبقتها نشاطات ارهابية متعددة لـ«القاعدة» في انحاء مختلفة من اليمن.

ربما ظهور «القاعدة» متأخرا في حضرموت يرمز الى انها المكان الأخير الذي يزوره التنظيم المهزوم في انحاء العالم، وقد يكون مجرد نشاط محسوب وذكي من قبل «القاعدة» الخبيرة جدا بجغرافية البلاد للاستفادة من العملية الارهابية التي تقودها جماعة ارهابية محلية، هي الحوثية، في جبال شمال اليمن، والتي اتعبت القوات الحكومية بعد اربع سنوات من القتال. كما ان ظهور الجماعات المتطرفة المسلحة في الصومال، البلد المجاور بحريا لليمن، يغري «القاعدة» بان تكون موجودة على ضفتي البحر الاحمر.

لعبة «القاعدة» دائما كانت، ولا تزال، السر الجغرافي، حيث لا يدري أحد اين تتواجد واي بلد تخطط لضربه. وتبقى حضرموت لغزا مهما في ذهن قادة «القاعدة» الذين كان عليهم ان يقوموا بزيارة المحافظة اخيرا.

[email protected]