وتكدست زجاجات الكولونيا! (4 ـ 4)

TT

وفي امتحان الشهادة الابتدائية فوجئ التلامذة والمدرس المراقب علينا بأنني أبكي، واندهش واندهشوا وتساءل المدرس فقالوا له: إنه الأول على المدرسة ولا نعرف ماذا حدث.

فاقترب المدرس وسألني برفق، فقلت له: لا أعرف. لم أر شيئاً من ذلك في حياتي. وعاد يسألني: أنت لا تعرف؟ فقلت : نعم. أما السؤال الذي أبكاني فهو سؤال مادة الرسم: ارسم زجاجة كولونيا. ولم أكن قد رأيت زجاجة كولونيا ولا أعرف ما هي.. فما كان من المدرس إلا أن سألني: هل تعرف زجاجة الزيت.. أو زجاجة الخل.. ارسم واحدة مثلها ولكن صغيرة واكتب عليها: كولونيا.

ومسحت دموعي ورسمت..

فماذا حدث بعد ذلك؟

الذي حدث هو أنني اشتري الكثير من زجاجات الكولونيا. وأنني أضعها في كل مكان.. على مكتبي وفي دورة المياه، وورائي بين الكتب، وفي أدراج المكتب. فكل مكان فيه زجاجة أو أكثر.. ثم إنني عندما سألني أحد الأصدقاء: ماذا تحب أن أشتري لك؟ ماذا تحب أن أقدمه لك في عيد ميلادك؟ فأقول: زجاجة كولونيا. فأصبح عندي عشرات من زجاجات الكولونيا.. وكلها ورائي وأمامي، ويسألونني إن كنت أفضل أي نوع، فأقول: أي نوع وأي لون وأي حجم.

والناس لا يعرفون السبب. ولكن أنا أعرف. وعلى الرغم من أنني عرفت لماذا، فإنني لم أغير هذا الموقف ولا استطعت أن أشبع رغبات الطفل داخلي. وتتكاثر الزجاجات شكلا ولونا وحجما وأنا مستسلم والطفل يضحك!