ورقة أوباما في حائط المبكى

TT

كل كان يريد ان يعرف ماذا الذي كتبه باراك اوباما يوم زار اسرائيل، الرجل الذي قد يغير التاريخ العرقي للرئاسة الاميركية بعد شهرين من الآن، إن كسب الانتخابات. فقد خط بيده دعاء في وريقة دسها بين حجرين في حائط المبكى، في القدس، المدينة التي اشعلت حروب ماضي التاريخ ويمكن ان توقد نيران المستقبل. يروى ان احد الحاخامات استل اللفافة الصغيرة، وقرأ ما كتبه اوباما، «اللهم، احفظني واحفظ عائلتي، واغفر لي خطاياي، واحمني من الغرور والعجز. وامنحني الحكمة لأقوم بما هو عدل وصالح، واجعلني في مشيئتك».

لم يفصح في تضرعه عن سياسته الخارجية، ولم يكتب نفاقا للاسرائيليين، هذه المرة على الأقل.

ربما يفوز هذا الشاب الطموح، وحينها علينا الا نتوقع منه ان يغير العالم كثيرا، وان كنا نتمنى ان يكمل جهد من سبقه وينهي النزاع الاسرائيلي العربي، مصدر العلل. الخشية ان يسكن اوباما البيت الأبيض بدون ان يتخلص من عقدة واحدة، خلفية عائلته الاسلامية، مما يسهل على خصومه ابتزازه، وابتزازنا، بسببها. حساسيته جعلته لا يحتمل حتى ظهور امرأة محجبة خلفه خشية ان يقال انه محسوب على المسلمين، أو أن المسلمين محسوبون عليه، رغم انهم بالتأكيد محسوبون عليه كمواطنين، مثل اليهود والمسيحيين، والهندوس، وغيرهم من ابناء الولايات المتحدة.

الرئيس جورج بوش، وبعيد ايام قليلة من قيام 19 مسلما متطرفا بهجماتهم الاجرامية، وفي ذروة غضب الشعب الاميركي زار المسجد الاسلامي في واشنطن، والتقى بقادة الجالية هناك، والقى كلمة اعلن فيها رفضه لوم المسلمين على افعال فئة متطرفة.

يجدر باوباما ان يواجه الاتهامات لا ان يهرب منها، فزياراته لحائط المبكى والكنيست وحفل الايباك لن ولم تمنع الدعاية السلبية التي تريد تلفيق ارتباطه بالاسلام. وقد تبدو الاتهامات مجرد دعاية سخيفة، صحيح هي كذلك انما علينا ان نتذكر ان الانتخابات حرب كلامية، وفيها يفعل مروجو الدعاية كل شيء من اجل اسقاط خصمهم.

يجب الا نلوم احدا، او مرشحا، في زمن الانتخابات لكن علينا ان نقلق بعد ذلك. المقلق في احتمال وصول اوباما للرئاسة ان يبقى حبيس هذا الهاجس، فيتعمد ان يباعد بينه وبين اي موقف عربي صحيح يصب في خانة المصلحة الاميركية. عقدة تاريخ عائلته الاسلامي ستضعفه في رعاية اي سلام محتمل في السنوات الاربع المقبلة بين اسرائيل والعرب، وكذلك في تعاطي شؤون المسلمين الدولية. سيضطر للانكفاء في كل مواجهة ان بقيت راية التشهير مرفوعة وهو في عقدة منها، هذا ان نجح في الانتخابات.

وقد يبدو غريبا ان الاهون على العرب ان يروا رجلا مثل جون مكين في البيت الابيض يتعامل مع قضاياهم كما هي، لا كما هو. كثيرون يتمنون فوز اوباما فقط من اجل التغيير، تغيير لصالح الولايات المتحدة شكلا وجوهرا. ففي فوزه اثبات ان الولايات المتحدة ليست بلدا من لون واحد، وعرق واحد، واختيار مكرر، بل هي بلد لجميع اهلها، وانها باختيار ابن مهاجر اسود، من اصل مسلم، تتميز بما عجزت عنه الامم الأخرى.

[email protected]