أرقام قياسية

TT

يحاول القومندان هوغو شافيز أن ينقذ هذا العالم، بادئاً طبعاً بالشعب الفنزويلي. وقد مضى عليه عشرة أعوام وهو يفعل ذلك بأسلوبه المفضل: الكلام!. وخلال هذا العقد السعيد من حياة فنزويلا، تحدث هوغو على الراديو والتلفزيون ما مجموعه 2544 ساعة، أي ما يوازي 318 نهار عمل، أو عاماً ونصف العام من الكلام 7 أو 8 ساعات في اليوم.

إلى جانب الرقم القياسي في الخطابة سجل شافيز الرقم القياسي بين رؤساء العالم في الرحلات الخارجية: 450 يوما في الخارج أو عاما ونصف العام من الغياب المتواصل.

في المقابل، هناك جدل حول معدلات النمو وتحسن أوضاع الفقراء بعد الارتفاع الشديد في مداخيل النفط. البعض يقول إن النمو بلغ 35% كل عام منذ 2003، البعض يقول إنها أرقام مركبة. لكن الثابت أن الدين الخارجي قد فاق 40 مليار دولار والدين الداخلي فاق 30 مليارا، في حين انخفضت الاستثمارات الخارجية إلى النصف، كما يقول بيان رسمي للبنك المركزي.

الرقم القياسي الآخر في سيطرة المحسوبية: رئيسة البرلمان، سيليا فلوريس، عينت 40 قريبا وصديقا في وظائف تابعة للمجلس النيابي. وثمة رقم آخر كشف عنه المرصد الفنزويلي لمراقبة العنف: ارتفع معدل الجريمة خلال 10 سنوات 184% متجاوزا بذلك البرازيل والمكسيك، وحتى كولومبيا الغارقة في حرب أهلية منذ سنوات. ويقول تقرير لمؤسسة العفو الدولية إن في فنزويلا 4.5 مليون سلاح مرخص ومع ذلك تتسع عمليات تهريب الأسلحة وتجارتها على نحو لم يعرفه البلد.

يتبرع الرئيس الفنزويلي بتزويد فقراء الولايات المتحدة بالوقود. ويصرف أموالا هائلة لدعم معارك أهل «اليسار» في الدول اللاتينية ويمضي باقي الوقت في إلقاء الخطب المطولة على طريقة مثاله المفضل، فيدل كاسترو. على أن الثروة التي تدفقت على فنزويلا في العقد الماضي كان يمكن أن ترفعها من بلد يعاني من فقر تاريخي مزمن إلى بلد ازداد فيه أهل الطبقة المتوسطة بأعداد هائلة، كما حدث في البرازيل والمكسيك والأرجنتين. إلا أن المعركة العادلة التي يخوضها المواطن اللاتيني ضد سنوات السيطرة الأميركية والاستغلال وأسوأ أنواع الديكتاتورية تحولت مع شافيز إلى ديماغوجية صوتية حملت رجلا غاية في الأدب والكياسة مثل الملك خوان كارلوس على أن يخاطبه في مؤتمر عام قائلا: صه، توقف عن الكلام!.

ويحدث أن يخرج الملوك عن طورهم عندما يبالغ السفسطائيون في اللغو. وإذا تقبلت الشعوب، لأسباب واضحة ومألوفة، ألا تأخذ من موارد بلادها سوى الخطب، فإن الآخرين لا يتحملون الدروس المزيفة وهم على علم تام بالحقائق، ولم يكن أحد يتصور أن خوان كارلوس سوف يخرج من خلقه لأي سبب، لكن هوغو شافيز سجل الرقم القياسي الآخر بين أرقامه الكثيرة، عندما نجح في ذلك. فكلاهما يتكلمان لغة إسبانية واحدة، لكن يختلفان تماما في تصريف الأفعال وسقط النعوت.